شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من نام عند السحر

          ░7▒ بابُ: مَنْ نَامَ عِنْدَ السَّحَرِ.
          فيه: عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرو(1): (أَحَبُّ الصَّلاةِ إلى اللهِ صَلاةُ دَاوُدَ، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إلى اللهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ(2) يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَيَصُومُ يَوْمًا). [خ¦1131]
          وفيه: عَائِشَةُ: (كَانَ أَحَبَّ الْعَمَل إلى رسُولِ اللهِ(3) صلعم الدَّائِمُ. قُلْتُ: مَتَى كَانَ يَقُومُ؟ قَالَتْ: إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ). [خ¦1132]
          وفيه: عَائِشَةُ قَالَتْ: (مَا أَلْفَاهُ(4) السَّحَرُ عِنْدِي إِلَّا قَائِمًا(5)، تَعْنِي(6) النَّبيَّ صلعم). [خ¦1133]
          قال المُهَلَّب: هذا يدلُّ أنَّ دواد كان يجمَّ نفسه بنوم(7) أوَّل اللَّيل، ثمَّ يقوم في الوقت الَّذي ينادي فيه الله ╡: هل من سائلٍ(8)؟ هل من مستغفرٍ؟ هل من تائبٍ(9)؟ ثمَّ(10) يستدرك من النَّوم ما يستريح فيه من نصب(11) القيام في بقية اللَّيل.
          وإنَّما صارت هذه الطَّريقة(12) أحبَّ إلى الله تعالى من أجل الأخذ بالرِّفق على النُّفوس الَّتي يخشى منها السَّآمة والملل الَّذي هو سببٌ إلى ترك العبادة، والله يحب أن يديم فضله، ويوالى إحسانه أبدًا، وقد قال ◙: ((إنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حتَّى تملُّوا)).
          يعني أنَّ اللهَ(13) لا يقطع المجازاة على العبادة حتَّى تقطعوا(14) العمل. فأخرج(15) لفظ المجازاة بلفظ الفعل لأنَّ(16) الملل غير(17) جائزٍ على الله تعالى، ولا هو من صفاته.
          وقول عائشة: (كَانَ يَقُومُ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ)، فهو في حدود ثلث اللَّيل الآخر، ليتحرَّى وقت تنزل الله تعالى، ثمَّ يرجع إلى الاضطجاع للرَّاحة من نصب(18) القيام، ولما يستقبله من طول قيام صلاة الصُّبح، فلذلك كان ينام عند السَّحر، وهذا كان يفعله ◙ في اللَّيالي الطِّوال(19)، وفي(20) غير شهر رمضان، لأنَّه قد ثبت عنه ◙ تأخير السَّحور(21) على(22) ما يأتي في الباب بعد هذا، إن شاء الله تعالى.


[1] في (م) و(ق): ((أن النبي صلعم قال)). في المطبوع: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ لَهُ)) وذكر في حاشية المطبوع أن هذه العبارة ليست في النسخ وإنما أضافها من السلطانية والفتح.
[2] في (ق): ((كان)).
[3] في (م) و(ق): ((إلى النبي)).
[4] في (ص): ((ألقاه)).
[5] في (م) و(ق): ((نائمًا)).
[6] في (ص): ((يعني)).
[7] في (ص): ((بالنوم)).
[8] في (م) و(ق): ((تائب)).
[9] في (م) و(ق): ((سائل)).
[10] في (ق): ((لم)).
[11] في (ق) و(ص): ((نصف)).
[12] زاد في (م) و(ق): ((في العبادة)).
[13] قوله: ((أن الله)) ليس في (م) و(ق).
[14] في (م) و(ق): ((يقطع العبد)).
[15] في (ق): ((بإخراج)).
[16] في (ق): ((لا أن)).
[17] قوله: ((غير)) ليس في (ق).
[18] في (ق): ((نصف)).
[19] في (م) و(ق): ((الطويلة)).
[20] في (ق): ((في))، في (ص): ((أو في)).
[21] في (ق): ((السحر)).
[22] في (ق): ((وعلى)).