شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فضل قيام الليل

          ░2▒ بابُ: فَضْلِ قِيَامِ اللَّيْلِ.
          فيه: ابْنُ عُمَرَ كَانَ الرَّجُلُ منَّا(1) في زَمَنِ(2) رَسُولِ اللهِ صلعم إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا على رَسُولِ اللهِ صلعم، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا فَأَقُصَّهَا على رَسُولِ اللهِ صلعم(3) وَكُنْتُ غُلامًا شَابًّا، وَكُنْتُ(4) أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ على عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلعم(5)، فَرَأَيْتُ في النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بِي إلى النَّارِ، فَإِذَا هي مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا(6) لَهَا قَرْنَانِ، وَإِذَا فِيهَا أُنَاسٌ(7) قَدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّارِ، فَلَقِيَنَا(8) مَلَكٌ آخَرُ، فَقَالَ لي: لَمْ تُرَعْ، فَقَصَصْتُهَا على حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ على رَسُولِ اللهِ(9) صلعم، فَقَالَ: (نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ، لَوْ كَانَ يصلي مِنَ اللَّيْلِ)، فَكَانَ(10) بَعْدُ لا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلا قَلِيلا. [خ¦1121] [خ¦1122]
          قال المُهَلَّب: إنَّما فسَّر النَّبيُّ صلعم(11) هذه الرُّؤيا في قيام اللَّيل _والله أعلم_ من أجل قول الملك الآخر: (لم تُرَع)؛ أي لم تعرض عليك لأنَّك مستحقُّها إنَّما ذُكِّرْتَ بها، ثمَّ نظر رسول الله في أحوال عبد الله فلم ير شيئًا يغفل عنه(12) من الفرائض فيذكَّر بالنَّار(13)، وعلم مبيته في المسجد فعبَّر بذلك(14)، لأنَّه منبَّهٌ على قيام اللَّيل فيه بالقرآن، ألا ترى أنَّ النَّبيَّ صلعم رأى الَّذي علَّمه القرآن ونام عنه باللَّيل تشدخ(15) رأسه إلى يوم القيامة في رؤياه صلعم.
          وفيه: أنَّ قيام اللَّيل ينجي من النَّار. وروى سُنَيْد بن داود(16): حدَّثنا يوسف بن محمَّد بن المُنْكَدِر عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: قال(17) رسول الله صلعم: ((قالَتْ أمُّ سُليمانَ لسُليمانَ: يا بنيَّ لا تُكثرِ النَّومَ باللَّيلِ فإنَّ كثرةَ النَّومِ باللَّيلِ تدَعُ الرَّجلَ فقيرًا يومَ القِيامَةِ)).
          وذكر الطَّبريُّ قال: حدَّثنا أحمد بن بشير: حدَّثنا يزيد بن زريع: حدَّثنا سعيدٌ عن قَتادة(18) عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة قال(19): قال رسول الله صلعم: ((الرُّؤيا ثلاثٌ: فرؤيا حقٌّ، ورؤيا يحدِّثُ بها الرَّجلُ(20) نفسَهُ، ورؤيا تحزينٌ من الشَّيطانِ، فمَنْ رأى ما يكرَهُ فلْيقُم فلْيُصلِّ)).
          فيه(21): تمنِّي الخير والعلم والحرص عليه؛ لأنَّ الرُّؤيا الصَّالحة جزءٌ من ستَّةٍ وأربعين جزءًا من النُّبوَّة، وتفسير النَّبيِّ صلعم لها من العلم الَّذي يجب الرَّغبة فيه.


[1] قوله: ((منا)) ليس في (ق).
[2] في (م): ((حياة)).
[3] قوله: ((فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا فَأَقُصَّهَا على رَسُولِ اللهِ صلعم)) ليس في (ق) و(م) و(ص).
[4] في (ق) و(م): ((أعزب)).
[5] قوله: ((على عهد رسول الله صلعم)) ليس في (ق) و(م).
[6] في (ق): ((فإذا)).
[7] في (ق): ((ناس)). في (ص): ((النَّاس)).
[8] في (ق) و (م): ((فلقيت)).
[9] في (ق): ((على النبي)).
[10] في (م): ((وكان)).
[11] قوله ((النبي صلعم)) ليس في (م).
[12] في (ق): ((فيه)).
[13] في (ص): ((فذكره النار)).
[14] قوله: ((فعبر بذلك)) ليس في (ق)، و في (ي) و (م): ((فعبر ذلك)).
[15] قوله: ((تشدخ)) ليس في (ق).
[16] قوله: ((بن داود)) ليس في (م) و (ي) و(ص).
[17] قوله: ((قال)) ليس في (ق).
[18] في (ق): ((وروى الطبري من حديث قتادة)).
[19] قوله: ((قال)) ليس في (ق).
[20] في (ص): ((يحدِّث الرجل بها)).
[21] في (ق): ((وفيه)).