شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب طول السجود في قيام الليل

          ░3▒ بابُ: طُولِ السُّجُودِ في قِيَامِ اللَّيْلِ. /
          فيه: عَائِشَةُ: (أَنَّ النبيَّ صلعم كَانَ يصلي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً كَانَتْ تِلْكَ صَلاتُهُ، يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ....) الحديث. [خ¦1123]
          أمَّا طول سجود النَّبيِّ صلعم في قيام اللَّيل فذلك(1) _والله أعلم_ لاجتهاده(2) فيه بالدُّعاء والتَّضرُّع إلى الله ╡، إذ ذاك(3) أبلغ أحوال التَّواضع والتَّذلُّل(4) إلى الله تعالى، وهو الَّذي أبى إبليس منه(5) فاستحق اللَّعنة بذلك(6) إلى يوم الدِّين والخلود في النَّار أبدًا، فكان صلعم يطوِّل في السُّجود في خلوته(7) ومناجاته لله تعالى شكرًا(8) على ما أنعم به عليه، وقد كان غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر.
          وفيه: الأسوة الحسنة لمن لا يعلم(9) ما يُفعل به أن يمتثل فعله ◙ في صلاته(10) باللَّيل وجميع أفعاله، ويلجأ إلى الله في سؤال العفو والمغفرة، فهو الميسِّر لذلك عزَّ وجهه، وكان السَّلف يفعلون ذلك ♥، قال(11) أبو إسحاق: ما رأيت أحدًا أعظم سجدةً من ابن الزُّبير.
          وقال(12) يحيى بن وثَّاب: كان ابن الزُّبير يسجد حتَّى تنزل العصافير على ظهره، وما(13) تحسبه إلَّا جَذْم(14) حائطٍ.


[1] قوله: ((فذلك)) ليس في (ص).
[2] في (ز): ((الاجتهاد)) والمثبت من باقي النسخ.
[3] في (ق) و(م): ((إذ السجود)). في (ص): ((وذلك)).
[4] في (ق): ((أحوال الخصوص وهو التذلل)).
[5] قوله: ((منه)) ليس في (ص).
[6] في (ق) و(ي) و (م) و(ص): ((فاستحق بذلك اللعنة)).
[7] في (ق): ((يطول في خلو نفسه)).
[8] زاد في (ق) و(م): ((له)).
[9] العبارة في (ق) و(م): ((وما تأخر. وما أولى من لم يعلم)).
[10] قوله: ((في صلاته)) ليس في (ص).
[11] في (ص): ((وقال)).
[12] في (ص): ((قال)).
[13] في (ق): ((فما)).
[14] في (م) و(ي): ((حرم)) وفي (ق): ((جدم)). في (ص): ((جرم)).