شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ذهاب الصالحين

          ░9▒ بَابُ: ذَهَابِ الصَّالِحِيْنَ.
          فيهِ: مِرْدَاسٌ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (يَذْهَبُ الصَّالِحُوْنَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَتبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ الشَّعِيْرِ أَوِ التَّمْرِ، لَا يُبَالِيْهِمُ اللهُ بَالَةً). [خ¦6434]
          قال المؤلِّفُ: ذهاب الصَّالحين مِن أشراط السَّاعة، إلَّا أنَّه إذا بقي النَّاس في حُفَالَةٍ كحُفَالَةِ الشَّعير أو التَّمر فذلك إنذارٌ بقيام السَّاعة وفناء الدُّنيا، وهذا الحديث معناه التَّرغيب في الاقتداء بالصَّالحين والتَّحذير مِن مخالفة طريقِهم خشية أن يكون مَن خالفَهم ممَّن لا يُباليه الله ولا يعبأ به.
          و(بَالَةٌ) مصدر باليت محذوفٌ منه الياء الَّتي هي لام الفعل، وكان أصلُه (باليةً) فكرهوا ياءً قبلها كسرةٌ لكثرة استعمال هذه اللَّفظة في نفي كلِّ ما لا يُحْفَلُ به، وتقول العرب أيضًا في مصدر باليت مُبالاةً كما تقول بالةً. والحُفَالَةُ سَفَلَةُ النَّاس وأصلُها في اللُّغة ما تساقط(1) مِن قُشُورِ التَّمر(2) والشَّعير وغيرِهما، والحُثَالَةُ والحُشَافَةُ مثلُه، وقد ذكرتُ هذا في كتابِ الفتنِ في بابِ إذا بقي في حُثَالَةٍ مِن النَّاسِ [خ¦7086].


[1] في (ت): ((تتساقط)).
[2] في (ز): ((الثَّمر)) والمثبت من (ت) و (ص).