شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الطواف بالكعبة في المنام

          ░33▒ بابُ الطَّوَافِ بِالكَعْبَةِ فِي المَنَامِ(1).
          فيه: ابنُ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلعم: (بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: ابنُ مَرْيَمَ، فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الدَّجَّالُ، أَقْرَبُ النَّاس بِهِ شَبَهًا ابنُ قَطَنٍ). [خ¦7026]
          قال بعض أهل التَّأويل: الطَّواف بالبيت ينصرف على وجوه، فمَن رأى أنَّه يطوف بالبيت فإنَّه يحجُّ إن شاء الله، وقد يكون تأويل ذلك إن كان يطلب حاجة مِن الإمام بشارة نيلِها(2) منه لأنَّ الكعبة إمام الخلق كلِّهم، وقد يكون الطواف تطهيرًا مِن الذُّنوب؛ لقولِه تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}[الحج:26]، وقد يكون الطَّواف لمَن يريد أن يتسَرَّى أو يتزوَّج امرأةً حسناء دليلًا على تمام إرادتِه، وقال علي بن أبي طالب العابر(3): وقد يكون الطواف لمَن كان ذا والدين أن(4) يُحسن برَّهما وزوجة يسعى عليها، أو كان يخدم عالمًا، أو كان عبدًا ينصح سيِّدَه بشارة بالثَّواب عن فعلِه في اليقظة.
          وقال(5) المهلَّب: ووصف ◙ عيسى بن مريم ◙ ووصف الدجَّال بصفاتِهما الَّتي خلقَهما الله تعالى عليها لكونهما في زمن واحد، ولأنَّ الحديث قد جاء عنه ◙ أنَّ عيسى ◙ يقتل الدَّجال، فوصف الدَّجَّال بصفة(6) لا تُشكِل عليهم على حسب ما رآه وهي العور، والَّذي لا يجوز على ذوي العقول أن يصفوا بالإلهيَّة والقدرة مَن كان بتلك الصِّفة إذِ الإله لا تجوز عليه الآفات وهذا مدَّعيها، وقد(7) جازت عليه الآفة، فهي برهان على تكذيبه، وقولُه: (يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً) فالنَّطْف: الصَّبُّ، وليلةٌ نطوف: ماطرة، مِن كتاب «العين».


[1] قوله: ((في المنام)) ليس في (ص).
[2] في (ص): ((بنيلها)).
[3] قوله: ((العابر)) ليس في (ص).
[4] قوله: ((أن)) زيادة من (ص).
[5] في (ص): ((قال)).
[6] في (ز): ((فوصف بصفة الدجال)) والمثبت من (ص).
[7] في (ص): ((فقد)).