شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إذا رأت المستحاضة الطهر

          ░28▒ بَابُ: إِذَا رَأَتِ المُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ.
          قَالَ: ابنُ عَبَّاسٍ تَغْتَسِلُ وَلَوْ سَاعَةً وَتُصَلِّي(1) وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا، والصَّلاةُ أَعْظَمُ.
          فيهِ: عَائِشَةُ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (إِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّم وَصَلِّي). [خ¦331]
          قوله: (إِذَا رَأَتِ المُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ) يُرِيدُ(2) إذا أقبل دم الاستحاضة الَّذي هو دم عرقٍ الَّذي يوجب الغُسْلَ والصَّلاة، وميَّزته مِن دم حيضتها(3) فهو طهرٌ مِن الحيض، فاستُدِلَّ مِن هذا أنَّ لزوجها وطؤها، وجمهور الفقهاء وعامَّة العلماء بالحجاز والعراق على جواز وطء المستحاضة.
          ومنع مِن ذلك قومٌ، رُوِيَ ذلك عن عَائِشَةَ قالت: ((المستحاضة لا يأتيها زوجها))، وهو قول النَّخَعِيُّ والحَكَمُ(4) وابنُ سيرينَ وسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ والزُّهْرِيُّ(5)، قال الزُّهْرِيُّ: إنَّما سمعنا بالرُّخصة في الصَّلاة. وحجَّة الجماعة: أنَّ دم الاستحاضة ليس بأذًى يمنع الصَّلاة والصَّوم، فوجب أن لا يمنع الوطء. وقول ابن عبَّاسٍ: (الصَّلاةُ أَعْظَمُ) مِن الجماع، مِن أبين الحجَّة في ذلك، وقد نزع بمثلها سَعِيْدُ بن جُبَيْرٍ(6)، ولا يحتاج إلى غير ما(7) في هذا الباب.


[1] في (م): ((وتصلِّي ولو ساعة)).
[2] زاد في (م): ((أنَّه)).
[3] في (م): ((حيضها)).
[4] قوله ((والحكم)) ليس في (م).
[5] قوله ((والزُّهري)) ليس في (م).
[6] زاد في (م): ((أيضًا)).
[7] في (م): ((إلى غيرها)).