شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب غسل الحائض رأس زوجها وترجيله

          ░2▒ بَابُ: غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيْلِهِ.
          فيهِ: عَائِشَة(1): (كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ صلعم وَأَنَا حَائِضٌ). [خ¦295]
          وفيهِ: عُرْوَة أَنَّهُ سُئِلَ أَتَخْدُمُنِي الحَائِضُ أَوْ تَدْنُو مِنِّي المَرْأَةُ وَهِيَ جُنُبٌ؟ قَالَ(2) عُرْوَةُ: كُلُّ ذَلِكَ عَلَيَّ هَيِّنٌ، وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ في ذَلِكَ بَأْسٌ، (أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللهِ صلعم وَهي حَائِضٌ، وَرَسُولُ اللهِ صلعم مُجَاوِرٌ في المَسْجِدِ، يُدْنِي إليها(3) رَأْسَهُ، وهيَ في حُجْرَتِهَا). [خ¦296]
          لا اختلاف(4) بين العلماء في جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله إلَّا شيء رُوي(5) عن ابن عباس في ذلك. ذكر ابنُ أبي شَيْبَةَ قال: حدَّثنا ابنُ عُيَيْنَةَ عن مَنْبُوذٍ عن أمِّهِ قالت: ((دَخَلَ ابنُ عَبَّاسٍ عَلَى مَيْمُوْنَةَ، فَقَالَتْ: أَيْ بُنَيَّ، مَالِي(6) أَرَاكَ شَعِثًا رَأْسُكَ، قَالَ: إِنَّ أُمَّ عَمَّارٍ مُرَجِّلَتِي حَائِضٌ، فَقَالَتْ(7): أَيْ بُنَيَّ، وَأَيْنَ(8) الحَيْضَةُ مِنَ اليَدِ؟ كَانَ رَسُولُ الله صلعم يَضَعُ رَأْسَهُ في حِجْرِ إِحْدَانَا وَهِيَ حَائِضٌ)). واستدلال عُرْوَة في ذلك حسنٌ، كاستدلال مَيْمُوْنَةَ، وهو حجَّةٌ في طهارة الحائض وجواز مباشرتها، وفيه دليلٌ على أنَّ المباشرة الَّتي قال الله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوْهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُوْنَ فِي المَسَاجِد}[البقرة:187] / لم يُرد بها كلَّ ما وقع عليه اسم لمسٍّ، وإنَّما أراد بها تعالى(9) الجماع وما دونه من دواعي اللَّذة، ألا ترى أنَّه صلعم كان(10) معتكفًا في المسجد ويدني لها رأسه تُرَجِّلُهُ، والجوار هو الاعتكاف. وفي هذا(11) الحديث حجَّة على الشَّافعي في أنَّ المباشرة الحقيقية(12) مثل ما في(13) الحديث لا تنقض الوضوء، وفيه: ترجيل(14) الشَّعر للرِّجال وما في معناه مِن الزِّينة، وفيه: خدمةُ الحائض زوجها وتنظيفُها له، وقد قال صلعم حين طلب منها الخُمْرَةَ: ((لَيْسَ حَيْضَتُكِ فِي يَدِكِ))، وفيه: أنَّ الحائض لا تدخل المسجد تنزيهًا له وتعظيمًا.


[1] زاد في (م): ((قالت)).
[2] في (م): ((فقال)).
[3] في (م) والمطبوع: ((لها)).
[4] في (م): ((خلاف)).
[5] في (م): ((يروى)).
[6] في (م): ((ما)).
[7] في (م): ((قالت)).
[8] في (م): ((فأين)).
[9] في (م): ((أراد بها الله تعالى)).
[10] في (ص): ((أنه كان ◙)).
[11] قوله: ((هذا)) ليس في (ص).
[12] في (ص): ((الحقيقة)).
[13] زاد في (م): ((هذا)).
[14] في (ص): ((ترجل)).