شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إذا عرض بنفى الولد

          ░26▒ بَاب إِذَا عَرَّضَ بِنَفْيِ الْوَلَدِ.
          فيه أَبُو هُرَيْرَةَ: (أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبيَّ صلعم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وُلِدَ لي غُلامٌ أَسْوَدُ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَ: مَا أَلْوَانُهَا؟ قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَنَّى ذَلِكَ؟! قَالَ: لَعَلَّ عَرْقًا نَزَعَهُ، قَال: فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ). [خ¦5305]
          احتجَّ بهذا الحديث الكوفيُّون والشافعيُّ فقالوا: لا حدَّ في التعريض، ولا لعان بالتعريض؛ لأنَّ النَّبيَّ صلعم لم يوجب على هذا الرجل الذي عرَّض له بامرأته حدًّا.
          وأوجب مالكٌ الحدَّ في التعريض واللعان بالتعريض إذا فُهِم منه من القذف ما يفهم من التصريح. وقال أصحابه في تأويل هذا الحديث للكوفيِّين: لا حجَّة لكم فيه؛ لأنَّ الرجل لم يرد بتعريضه القذف وإنَّما جاء سائلًا مستشيرًا، ودليل ذلك في الحديث، وذلك أنَّ(1) النبي صلعم لمَّا ضَرب له المثل سكت، ورأى أنَّ الحقَّ فيما ضَرب له النبيُّ صلعم من ذلك.
          قال المُهَلَّب: والتعريض(2) إذا لم يكن على سبيل المشاتمة والمواجهة، وكان على سبيل السؤال عمَّا يجهل من المشكلات فلا حدَّ فيه، ولو وجب في هذا حدٌّ لبقي شيءٌ من علم الدين لا سبيل إلى التوصل إليه مع(3) ذكر من عرض له في ذلك عارضٌ، ولا يجب عند مالكٍ في التعريض حدٌّ إلَّا أن يكون على سبيل مشاتمةٍ ومواجهةٍ يُعلَم قصده لذلك.
          وسيأتي اختلاف العلماء وبيان مذاهبهم في التعريض في كتاب الحدود، إن شاء الله تعالى. [خ¦6847]
          قال أبو عبيدٍ، عن الأصمعيِّ: إذا كان البعير أسود يخالط سواده(4) بياضٌ كدخان الرِّمْث، فتلك الوُرْقة.


[1] في (ص): ((لأن)).
[2] في (ص): ((فالتعريض)).
[3] في (ص): ((من)).
[4] في (ص): ((أسوده)).