الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب وقف الأرض للمسجد

          ░30▒ (بَابُ وَقْفِ الأَرْضِ) أي: باب جواز وقْفِها (لِلْمَسْجِدِ) أي: لأجل أن يُبنَى عليها مسجدٌ، ويحتمل أنَّ المعنيَّ: باب وقفها مسجداً، واللام / للتَّقوية، فافهم.
          قال في ((الفتح)): لم يختلف العلماءُ في مشروعيَّة ذلك لا مَن أنكرَ الوقفَ ولا مَن نفَاهُ، إلَّا أنَّ في الجزءِ المشَاع احتمالاً لبعضِ الشافعيَّة، قال ابنُ الرِّفعةِ: يظهرُ أنَّ وقف المشَاع فيما لا يُمكِن الانتفَاعُ به لا يَصِحُّ، وجزم ابن الصَّلاحِ بالصِّحَّة حتَّى يحرم على الجُنُب المكثُ فيه ونوزع في ذلك.
          وقال الزَّين ابن المنيِّر: لعلَّ البخاريَّ أراد الرَّدَّ على مَن خصَّ جواز الوقف بالمسجدِ، وكأنَّه قال: قد نفذ وقفَ الأرضِ المذكورةِ قبل أن تكونَ مسجداً، فدلَّ على أنَّ صحَّة الوقفِ لا يختصُّ بالمسجدِ، ووجهُ أخْذِه مِن حديث الباب أنَّ الذين قالوا: لا نطلبُ ثمنَه إلَّا إلى الله كأنَّهم تصدَّقوا بالأرضِ المذكورة، فتمَّ انعقادُ الوقفِ قبل البناء، فيُؤخَذ منه أنَّ مَن وقفَ أرضاً على أن يبنيهَا مسجداً انعقدَ الوقفُ قبلَ البناء، انتهى.
          قال في ((الفتح)): ولا يخفى تكلُّفُه.
          وأقول: يدلُّ كلام الزَّين على أنَّ الأرضَ الموقوفةَ للصَّلاة فيها لا تُسمَّى مسجداً ولا يخفَى ما فيه، فافهم.