الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب قول الله تعالى: {وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى}

          ░18▒ (باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى) ولأبي ذرٍّ: <╡>، والمراد: باب تأويل قول الله، أو باب بيانِ حُكم قول الله تعالى ({وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ}) أي: قسمة الميراثِ ({أُولُو الْقُرْبَى}) أي: أصحاب القرابةِ ممَّن لا يرثُ ({وَالْيَتَامَى}) جمع يتيمٍ وهو صغيرٌ لا أب له ({وَالْمَسَاكِينُ}) جمع مسكينٍ، والمراد به هنا ما يشملُ الفقيرَ ({فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء:8]) أي: لأنَّ أنفسهم تتشوَّق إلى شيءٍ من ذلك إذا رأَوا هذا يأخذ وذاك يأخذُ وهم لا يُعطَون شيئاً، فأمر الله الورثةَ برأفتِه لهم أن يُعطَوا شيئاً من ذلك إحساناً إليهم وجبراً لقلوبهم، ثمَّ نُسِخ بآية المواريث عند الجمهور، وقالت طائفةٌ: هي غير منسوخةٍ والأمر للنَّدب.
          وقال البيضاويُّ: فأعطوهم شيئاً من المقسومِ؛ تطييباً لقلوبهم وتصدُّقاً عليهم، وهو أمرُ ندبٍ للبالغين من الورثة، وقيل: أمرُ وجوبٍ، ثمَّ اختُلِف في نسخهِ، والضَّمير لِما تُرِك أو لِما دلَّ عليه {الْقِسْمَةَ}، وهذه الآية في أوائل سورة النساء وتمامها: {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً} وهو أن تدعوا لهم وتستقلُّوا ما أعطيتُموهم ولا تمنُّوا عليهم، قاله البيضاويُّ: وقال غيره: المرادُ بالمعروف هنا أن يقول الوارثُ للفقير: خُذْ بارك الله لكَ، وإن كان الوليُّ قال: إنَّه مال يتيمٍ، وما لي فيه شيءٌ، أو لستُ أملكه إنَّه للصِّغار.