الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: إذا وقف أرضًا ولم يبين الحدود فهو جائز

          ░26▒ (بَابُ إِذَا وَقَفَ) أي: شخصٌ (أَرْضاً) وجملة: (وَلَمْ يُبَيِّنِ) أي: الواقف (الْحُدُودَ) حاليَّةٌ؛ أي: حدود الأرضِ الموقوفة (فَهُوَ جَائِزٌ) أي: فالوقف صحيحٌ، لكن إذا كانَت الأرض / مشهورةً متميِّزةً بحيث لا تلتبس بغيرها، وإلَّا فلا بدَّ من التَّحديد اتِّفاقاً، لكن ذكر الغزاليُّ في ((فتاويه)): أنَّ مَن قال: اشهدوا على أنَّ جميع أملاكي وقفٌ على كذا وذكر مصرفها ولم يحدَّ شيئاً منها صار جميعها وقفاً، ولا يضرُّ جهلُ الشُّهود بالحدود.
          قال في ((الفتح)): ويحتملُ أن يكون مُراد البخاريِّ: أنَّ الوقفَ يصحُّ بالصِّيغة الَّتي لا تحديدَ فيها بالنِّسبة إلى اعتقادِ الواقفِ وإرادتهِ لشيءٍ معيَّنٍ في نفسِهِ، وإنَّما يُعتبَر التَّحديدُ لأجلِ الإشهادِ عليه ليبيِّن حقَّ الغيرِ.
          (وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ) أي: وكذلك الصَّدقة: الوقفُ بلفظ الصَّدقةِ مع نيَّته الوقف كاللَّفظ بالوقفِ من غيرِ تبيينٍ، كما جعلَ أبو طلحَةَ حائطَهُ صَدقةً للهِ تعالى، ولم يذكرْ شيئاً غيرَ ذلك، كذا في ((العمدة)) و((المنحة))، ولو أُريد أنَّ الصَّدقةَ غير الوقفِ حكمها في الصِّحَّة حُكم الوقفِ، وإن لم يبيِّن حدودها لكان وجيهاً، فتدبَّر.