الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: إذا أوقف جماعة أرضًا مشاعًا فهو جائز

          ░27▒ (بَابُ إِذَا أَوْقَفَ) بالألف للأكثرِ، وهي لغةٌ نادرةٌ أو رديئةٌ، ولأبي ذرٍّ: <وقف> بلا ألفٍ، وهي اللُّغة الفصْحَى (جَمَاعَةٌ أَرْضاً) أي: مشتركةً (مُشَاعاً) أي: وقفاً قبل قسمةِ حصصهِم (فَهُوَ جَائِزٌ) أي: فالوقفُ صحيحٌ، قال ابنُ المنيِّر: احترز عمَّا إذا وقفَ الواحد المشاع فإنَّ مالكاً لا يُجيزه؛ لئلَّا يدخل الضَّرر على الشَّريكِ.
          قال في ((الفتح)): وفي هذا نظرٌ؛ لأنَّ الَّذي يظهر أنَّ البخاريَّ أراد الرَّدَّ على من يُنكِر وقفَ المشَاع مطلقاً، وتقدَّم أنَّه إذا تصدَّق أو وقف بعض ماله فهو جائزٌ، وقال الزَّركشيُّ: هذا بناءً منه على أنَّ بني النَّجَّار وقفوا الحائط مسجداً ولم يبيعوه.
          وردَّه في ((المصابيح)) بأنَّ البخاريَّ لم يُنبِّه على هذا، وإنَّما بناه على أنَّهم أرادوا وقفه حيث قالوا: لا نطلب ثمنه إلَّا إلى الله، ولم يُبيِّن لهم النَّبيُّ عليه السَّلام أنَّ هذا الَّذي قصدوه باطلٌ، وإنَّما طلب شراءه منهم؛ ليكون متعبَّده ليس لأحدٍ فيه علقةٌ ولا منَّةٌ، بل قصد بذلك وجه الله تعالى، انتهى.