الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب فضل صلاة الفجر

          ░26▒ (باب فَضْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ) زاد أبو ذرّ والحديث.
          قال في (الفتح الباري): ولم يظهر له هنا توجيه قوله والحديث.
          ووجه الكرماني بأن الغرض منه وباب الحديث الوارد في فضل صلاة الفجر ولا يخفى بعده، ولم أرَ هذه الزيادة في شيء من المستخرجات ولا عرّج عليها أحد من الشرّاح، فالظاهر أنها وهم بدليل أنه ترجم لحديث جرير باب فضل صلاة العصر بلا زيادة، ويحتمل أنه كان فيه باب فضل صلاة الفجر والعصر فتحرفت الكلمة الأخيرة انتهى.
          وأقول: لا يخفى ما فيه، ولذا قال العيني استبعاده بعيدٌ إذ لا بعيد يقال باب في بيان فضل الفجر، وفي بيان الحديث الوارد فيه، وهو أوجه من ادعاء الوهم، وتحريف العصر بالحديث بعيد جداً.
          ثم قال العيني يحتمل أن وجه خصوصية هذا الباب بهذه اللفظة دون سائر الأبواب التي يذكر فيها فضائل الأعمال أن صلاة الفجر إنما هي عقب النوم وهو أخو الموت ألا ترى كيف ورد أن يقال عند الاستيقاظ منه الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور.
          وإذ كان كذلك فينبغي أن يجتهد المستيقظ على أداء الفجر شكراً لله على حياته، وإعادة روحه إليه فيعلم أن لإقامتها فضلاً عظيماً لورود الأحاديث فلذا نبَّه على ذلك بهذه الزيادة وخصها بهذا الباب.
          وأقول: من الأحاديث الواردة في فضلها ما رواه مسلم من حديث جندب من حديث سفيان رفعه قال: (من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا تخفروا الله في ذمته) وفي رواية له أيضاً زيادة فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم.
          وما رواه نعيم بن حماد في كتاب الغين عن زيد بن أسلم عمن حدثه أن رسول الله قال: (من صلى الصبح كان في جوار الله حتى يمسي ومن صلى العصر كان في جوار الله حتى يصبح فلا تحقروا الله في جواره فإنه من أحقر الله في جواره طلبه الله ثم أدركه ثم كبّه على منخره) أي: في جهنم.