الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب وقت العشاء إذا اجتمع الناس أو تأخروا

          ░21▒ (باب) بالتنوين وعدمه (وَقْتِ الْعِشَاءِ إِذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أَوْ تَأَخَّرُوا) قال في ((فتح الباري)) أشار بهذه الترجمة إلى الرد على من قال أنها تسمى العشاء إذا عجلت والعتمة إذا أخرت أخذا من اللفظين وأراد هذا القائل الجمع بوجه غير الأوجه المتقدمة فاحتج عليه المصنف بأنها سميت في حديث الباب في حال التقديم والتأخير باسم واحدٍ.
          ورده العيني فقال هذا كلام واه لأن الترجمة لا تدل على هذا أصلاً، وإنما أشار بها إلى أن اختياره في وقت العشاء التقديم عند الاجتماع والتأخير عند التأخر وهو نص الشافعي أيضاً في (الأم) انتهى.
          وأقول: لعله أشار أن وقتها لا يخرج بالتأخير عن الثلث كما قيل به فقد نقل الأسنوي في شرح منهاج النووي أن الاصطخري قال يخرج وقتها بالثلث قال: وأغرب سليم الرازي فحكاه في المجرد والتقريب عن الجديد / انتهى.
          وهو أولى مما قالاه لأن دلالة الترجمة عليه أظهر فتأمل.
          وأقول: لعل مستند الاصطخري ما نقله في ((فتح الباري)) عن النسائي من طريق شعيب عن الزهري أن النبي قال صلوها فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل انتهى.
          ثم رأيت في ((فتح الباري)) في باب وقت العشاء إلى نصف الليل قال: وقال الاصطخري إذا ذهب نصف الليل صارت قضاء انتهى.
          ولعل له قولين ثم رأيت ابن رجب قال في الباب وذهب الاصطخري من أصحاب الشافعي إلى أن الوقت يخرج بالكلية بنصف الليل أو ثلثه ويبقى قضاء وقد قال الشافعي إذا ذهب ثلث الليل فلا أراها إلا فائتة وحمله عامة أصحابه على فوات وقت الاختيار خاصة انتهى.