الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من ترك العصر

          ░15▒ (باب) إثم (مَنْ تَرَكَ الْعَصْرَ) أي: صلاة العصر كما / في بعض الأصول الصحيحة وهي أنسب بلفظ الحديث أي: عمداً وسقط من نسخة فتح الباري لفظ إثم فقدر ما حكمه وكذا من نسخة ابن رشيد فإنه قال أجاد البخاري حيث اختصر على صدر الحديث فأبقا فيه محلاً للتأويل.
          وقال غيره: كان ينبغي أن يذكر حديث الباب الذي قبله ويسقط هذه الترجمة.
          وأجيب: بأن الترك أصرح في إرادة التعمد من الفوات، وقال العيني: بينهما فرق دقيق وهو أنهم اختلفوا في المراد من التفويت والترك لا خلاف أن معناه العمد انتهى.
          وأقول: ما تقدم من الاختلاف في معنى التفويت مما ذكره وقدمناه لا يفيد دفع الاعتراض لمن تأمل وأنصف، فالأولى ما نقلناه تبعاً للفتح من أن الترك أصرح في إرادة العمد على أنه أيضاً لا يدفع الاعتراض لأنه صرح في الترجمة السابقة بقوله: إثم ومعه لا يكون إلا عمداً، فاستوت الترجمتان فالمناسب إسقاط الثانية.
          وقد يقال إنما ترجم بالترجمتين وإن أغنت الأولى عن الثانية نظر في الأولى إلى لفظ تفوته في الحديث فعبر فيها بفاتته قصداً للمناسبة بينها، وفي الثانية عبر بترك نظراً للفظه في الحديث فلله دره ما أدق نظره فتدبر.