الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من كره أن يقال للمغرب العشاء

          ░19▒ (باب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ: عِشَاءُ) بكسر العين والمد ظاهراً لترجمة أن الغرض بيان القائل بالكراهة ولا مانع من الأخذ به فإنه ذكر أن النبي صلعم نهى عن ذلك لكن المتبادر من مثلها بيان العلماء المختلفين.
          ولعل المراد باب بيان كراهة من كره... إلخ محذوف المضافان لكن لم يبين نسبة الكراهة لمن غير النبي صلعم والمعهود في مثله بيان الغير فتدبر.
          وإلى هذا يشير ما نقله في ((الفتح)) عن ابن المنير بقوله قال الزين ابن المنير عدل المصنف عن الجزم كأن يقول باب كراهة كذا؛ لأن لفظ الخبر لا يقتضي فيها مطلقاً؛ لأن فيه النهي عن غلبة الإعراب على ذلك فكأن المصنف رأى أن هذا القدر لا يقتضي المنع من إطلاق العشاء عليها أحيان على وجه لا يترك له التسمية الأخرى كما ترك ذلك الإعراب وقوفاً مع عادتهم قال: وإنما شرع لها التسمية بالمغرب لأنه اسم يشعر بمسماها وما تبدأ وقتها وكره إطلاق العشاء عليها خوف الالتباس بالصلاة الأخرى وعلى هذا لا يكره تسميتها عشاء بقيد كان يقال العشاء الأولى ويؤيده قولهم العشاء الآخرة كما في الصحيح الآتي قريباً.
          ونقل ابن بطال المنع عن غيره يحتاج لدليل خاص / فإن حديث الباب لا حجة فيه انتهى فتأمله.
          وقال ابن رجب: واستدل بهذا الحديث أي: حديث الباب من كره تسمية المغرب عشاء وهو قول أصحاب الشافعي وغيرهم وقال أصحابنا لا يكره ذلك واستدلوا بأن العشاء تسمى العشاء الآخرة كما قال النبي صلعم أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة خرجه مسلم.
          وسيأتي بعض الأحاديث المصرحة بذلك فدل على أن المغرب العشاء الأولى، وأجاب بعضهم بأن وصف العشاء بالآخرة لأنها آخر الصلوات لا لأن قبلها عشاء أخرى، وقد حكى الأصمعي أنه يكره تسميتها العشاء الآخرة ولا يلتفت إلى ذلك انتهى.