نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من أدب أهله أو غيره دون السلطان

          ░39▒ (بابُ: مَنْ أَدَّبَ أَهْلَهُ) كزوجته وأَرِقَّائِه (أَوْ) أدَّبَ (غَيْرَهُ) أي: غيرَ أهله (دُونَ السُّلْطَانِ) أي: دون إذن السُّلطان له في ذلك.
          قال الحافظ العسقلاني: هذه التَّرجمة معقودةٌ لبيان الخلاف هل يحتاج من وَجَبَ عليه الحدُّ من الأرقاء إلى أن يستأذنَ سيِّدُه الإمامَ في إقامة الحدِّ عليه، أو له أن يقيمَ ذلك بغير مشورةٍ.
          وقد تقدَّم بيانه في باب: إذا زنت الأمة، وأنَّ مذهب أبي حنيفة وأصحابه أنَّه لا يقيم الحدودَ على العبيد والإماء إلَّا السُّلطانُ دون المولى في الزِّنى وسائرِ الحدود، وبه قال الحسن بن حي. وقال الثَّوري والأوزاعي: يحدُّه في الزِّنى. /
          وقال مالك: يحدُّ المولى عبدَه وأمتهَ في الزِّنى وشرب الخمر والقذف إذا شهد عنده الشُّهود لا بإقراره، ولا يقطعه في السَّرقة إلَّا السُّلطان، وبه قال اللَّيث.
          ورُوي عن جماعةٍ من الصَّحابة: أنَّهم أقاموا الحدودَ على عبيدهم، منهم ابن عمر وابن مسعود وأنس بن مالكٍ ♥ . وقال ابنُ أبي ليلى: أدركت بقايا الأنصار يضربون الوليدة من ولائدهم إذا زَنَتْ في مجالسهم.
          (وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ) سعْد بن مالك، بسكون العين، الخدري ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم : إِذَا صَلَّى، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى) أي: امتنع إلَّا أن يمرَّ (فَلْيُقَاتِلْهُ) وهذا مختصرٌ من الحديث الذي تقدَّم موصولًا في باب من يَرُدُّ المُصَلِّي مَنْ مرَّ بين يديه [خ¦509]، ولفظه: ((فإن أرادَ أحدٌ أن يجتازَ بين يديه فلْيَدْفَعْه، وإن أبى فلْيُقَاتِلْه، فإنَّما هو شيطانٌ)) أخرجه من طريق أبي صالحٍ، عن أبي سعيد.
          (وَفَعَلَهُ أَبُو سَعِيدٍ) وهو في الباب المذكور [خ¦509]: رأيتُ أبا سَعيدٍ يُصَلِّي، فأرادَ شابٌّ أن يجتازَ بين يديه، فدفعَه أبو سعيد في صدرهِ، من غير استئذانِ حَاكِمٍ، ولذا لم يُنْكِرْ عليه مروان، بل استفهمه عن السَّبب، فلمَّا ذَكَرَه له أَقرَّه على ذلك. وفيه: دلالةٌ على جواز تأديبِ الرَّجل غيرَ أهله إذا كان في واجبٍ، فإنَّ النَّبيَّ صلعم أذن لمن صلَّى وأرادَ أحدٌ أن يمرَّ بين يديه بأن يدفعَه، وهو تأديبٌ له.