نجاح القاري لصحيح البخاري

باب إثم الزناة

          ░20▒ (باب: إِثْمِ الزُّنَاةِ) بضم الزاي، جمع: زانٍ كعُصَاة جَمْع عَاص، وتعلق هذا الباب بالكتاب ارتكاب ما حرَّم الله، وهو داخلٌ في محاربة الله ورسوله (وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى) بالجر عطفًا على إثمِّ الزناة، وفي نسخة: <قول الله> بدون الواو على الاستئناف ({وَلاَ يَزْنُونَ}) وهي في الفرقان وأولها: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقّ ِوَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان:68]. /
          وعن ابن عبَّاسٍ ☻ : أنَّ ناسًا من أهل الشِّرك قد قَتَلُوا فأكثروا وزنوا فأكثروا، ثمَّ أتوا النَّبي صلعم وقالوا: إنَّ الَّذي تقول وتدعونا إليه لَحَسَنٌ لو تُخْبِرُنا أنَّ لما عَمِلْنَاه كفَّارةً فنزلت: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ} الآية. وقيل: نزلت في وحشيٍّ غلام ابن مطعم.
          وقال القاضي ناصر [الدين]: نفى عنهم أمهات المعاصي بعد ما أثبت لهم أصول الطَّاعات إظهارًا لكمال إيمانهم، وإشعارًا بأنَّ الأجر المذكور موعود للجامع بين ذلك، وتعريضًا للكفرة بأضداده.
          وقول الله تعالى في سورة الإسراء: ({وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء:32]) بالقصر على الأكثر والمد لغة فيه، وهي نهيٌ عن دواعي الزِّنا كالمسِّ والقبلة ونحوهما، ولو أريد النَّهي عن نفس الزِّنا لقال: ولا تزنوا ({إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}) معصيةً كبيرةً مجاوزةً حدَّ الشَّرع والعقل ({وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء:32]) وبئس طريقًا طريقُه، وسقط في رواية أبي ذرٍّ: <{وَسَاَء سَبِيلًا}>.