نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الرجم بالمصلى

          ░25▒ (بابُ الرَّجْمِ بِالْمُصَلَّى) أي: عنده، والمراد: المكان الَّذي كان يصلَّى عنده العيد والجنائز، وهو من ناحية بقيع الغرقد. وقد وقع في حديث أبي سعيدٍ ☺ عند مسلمٍ: ((فأمرنا أن نرجُمَه فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد)). وقد فهم القاضي عياض من قوله: بالمصلَّى أنَّ الرَّجم وَقَعَ في داخل المصلَّى. وقال: يستفاد منه: أنَّ المصلَّى لا يثبت له حكم المسجد، إذ لو ثبت له ذلك؛ لاجتنب الرَّجم فيه؛ لأنَّه لا يؤمن من التَّلويث من المرجوم، خلافًا لما حكاه الرَّازي: أنَّ المصلَّى ثبت له حكم المسجد، ولو لم يوقف، وكأنَّه فهم ذلك من الباء الظَّرفية.
          وتعقَّب: بأنَّ المراد الرَّجم عنده لا فيه كما تقدم في البلاط، وأنَّ في حديث ابن عبَّاس ☻ أنَّ النَّبي صلعم رجم اليهوديين عند باب المسجد، وبأنَّه ثبت في حديث أمِّ عطيَّة الأمر بخروج النِّساء حتَّى الحُيَّض في العيد إلى المصلَّى، وهو ظاهرٌ في المراد.
          وقال النَّووي: ذكر الدَّارمي من أصحابنا: أنَّ مصلَّى العيد وغيرَه إذا لم يكن بمسجدٍ يكون في ثبوت حكم المسجد له وجهان أصحُّهما لا.
          وقال البخاريُّ وغيرُه: في رجم هذا بالمصلَّى دليلٌ على أنَّ مصلَّى الأعياد / والجنائز إذا لم يوقف مسجدًا لا يثبت له حكم المسجد، إذ لو كان له حكم المسجد لاجتنب فيه ما يجتنب في المسجد.
          قال الحافظ العسقلاني: وهو كلام القاضي عياض بعينه، وليس للبخاريِّ منه سوى التَّرجمة.