إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: رأيت في رؤياي أني هززت سيفًا فانقطع صدره

          4081- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ وابنِ عساكرٍ ”حَدَّثني“ بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ) بفتح العين ممدودًا، أبو كُرَيْب الهَمْدانيُّ الكوفيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمادُ بن أسامةَ (عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ) بضم الموحدة وفتح الراء (بْنِ أَبِي بُرْدَةَ) بضم الموحدة وسكون الراء (عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ) عامر (عَنْ) أبيه (أَبِي مُوسَى) عبد اللهِ بن قيسٍ الأشعريِّ ( ☺ ) قال البخاريُّ _أو: شيخه محمدُ بن العلاء_: (أُرَى) بضم الهمزة وفتح الراء، أظنُّ أنَّه (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) شكَّ هل تحمَّلهُ مرفوعًا أمْ لا؟ أنَّهُ (قَالَ: رَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ ”أُرِيْتُ“ بهمزة مضمومة وكسر الراء (أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا) بفتح الهاء والزاي الأولى وسكون الثانية؛ وهو ذو الفقارِ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ ”سيفِي“ (فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ) وعند ابن إسحاقَ: «ورأيتُ في ذُباب سيفي ثَلْمًا» (فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ) قال المهلَّبُ: لَمَّا كانَ النَّبيُّ صلعم يصولُ بأصحابهِ عبَّرَ عن السَّيفِ بهم، وبهزِّه عن أمره لهم بالحربِ، وعن القطع فيه بالقتلِ فيهم، وفي رواية عروة: كان الذي رأَى بسيفهِ ما أصابَ وجهه. وعند ابن هشامٍ: «وأمَّا الثَّلمُ في السَّيفِ فهو رجلٌ من أهلِ بيتي يقتلُ» (ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ بِهِ اللهُ) ولأبي ذرٍّ ”ما جاءَ اللهُ به“(1) (مِنَ الفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ المُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِيهَا) / أي: في رؤيايَ (بَقَرًا) بالموحدة والقاف المفتوحتين. زاد أبو يَعلى وأبو الأسود في «مغازيه»: «تذبحُ» (وَاللهُ خَيْرٌ) رفعُ مبتدأ وخبر، وفيه حذفٌ تقديره: وصنعُ اللهِ خيرٌ (فَإِذَا هُمُ) أي: البقرُ (المُؤْمِنُونَ) الذين قتلوا (يَوْمَ أُحُدٍ).
          وفي حديث جابرٍ عند أحمد والنسائيِّ: أنَّهُ صلعم قالَ: «رأيتُ كأنِّي في دِرْعٍ حصينةٍ، ورأيتُ بقرًا تُنْحَرُ، فأوَّلتُ الدِّرعَ الحصينةَ المدينةَ، وأنَّ البَقْرَ بقْرٌ، واللهُ خيرٌ» وقولهُ: «بقْرٌ»، الأخيرُ(2) بسكون القاف مصدر بَقَرَهُ يَبْقُرُهُ بقْرًا، أي: شقَّ بطنهُ، وهذا أحدُ وجوهِ التعبير(3)، وهو أن يشتقَّ من الأمرِ معنًى يناسبُ.
          ولهذا الحديثِ سبب(4) بيَّنهُ في حديثِ ابن عباسٍ المرويِّ عندَ أحمدَ أيضًا والنسائيِّ في قصَّةِ أحدٍ، وإشارةِ النَّبيِّ صلعم أنْ لا يبرحُوا من المدينةِ، وإيثارِهمْ الخروجَ لطلبِ الشَّهادةِ، ولُبسهِ اللَّأمةَ، وندامتهمْ على ذلكَ، وقوله‼ صلعم : «لا ينْبَغِي لنبيٍّ إذا لبسَ لَأْمتهُ أن يَضَعَها حتى يقاتلَ» وفيه: «إنِّي رأيتُ أنِّي في درعٍ حصينةٍ...» الحديث.


[1] «ولأبي ذر: ما جاء الله به»: ليس في (د).
[2] في (د): «وقوله: بقرًا والله خير».
[3] في (ص): «التفسير».
[4] في (ص): «سببًا».