إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

معلق أبي الوليد: لا تبكيه ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها

          4080- (وَقَالَ أَبُو الوَلِيدِ) هشامُ بن عبدِ الملكِ الطيالسيُّ شيخُ المؤلِّفِ، فيما وصلهُ الإسماعيليُّ (عَنْ شُعْبَةَ) بن الحجاجِ (عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ) محمد القرشيِّ التَّيميِّ، أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا) ولأبي الوقتِ ”جابرَ بنَ عبدِ الله“ (قَالَ: لَمَّا قُتِلَ أَبِي) عبدُ الله، يومَ أُحد (جَعَلْتُ أَبْكِي وَأَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَجَعَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلعم يَنْهَوْنِي) عن البكاءِ، ولأبي ذرٍّ ”ينهونَنِي“ (وَالنَّبِيُّ صلعم لَمْ يَنْهَ) عنه (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : لَا تَبْكِيهِ) ولأبي ذرٍّ وابنِ عساكرٍ ”لا تبكِهِ“ بإسقاط التحتية (أَوْ مَا تَبْكِيهِ) وعند مسلم: «وجعلتْ فاطمةُ بنتُ عَمرو عمَّتي تبكيْهِ(1)، فقال النَّبيُّ صلعم : لا تبْكِيهِ» كذا قرَّره في «فتح الباري». قال: وكذا تقدَّمَ عندَ المصنِّفِ في «الجنائز» [خ¦1244] وتعقَّبَهُ العينيُّ: بأنَّ الذي في «الجنائزِ» [خ¦1293] ليسَ كذلك، بل لفظهُ: «فذهبتُ أريدُ أن أكشفَ الثَّوب عنه(2) فنهاني قومي، ثمَّ ذهبتُ أكشفُ عنه فنهاني قومِي(3) فأمرَ رسولُ الله صلعم فرُفِعَ، فسمِعَ صوتَ صائحةٍ، فقالَ: من هذه؟ فقالوا: ابنةُ عَمرو _أو: أختُ عمرو_ قال: فلِمَ تَبْكِي؟ _أو: لا تبكي_ » وكيف يُترك صريحُ النَّهي لجابرٍ؟ ويقالُ: النَّهيُ هنا لفاطمةَ بنتِ عمرو، وليس لها ذكر، وهذا تصرُّفٌ عجيبٌ، وإن كان أصلُ الحديثِ‼ واحدًا فلا يمنعُ أن يكونَ النَّهيُ هنا لجابرٍ، وهناك لفاطمةَ بنتِ عمرو. انتهى.
          (مَا زَالَتِ المَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا) متزاحمينَ على المبادرةِ ليصعدوا بروحهِ، وتبشيرهُ(4) بما أعدَّ اللهُ له من الكرامةِ، و«أو» ليست للشَّكِّ، بل للتسويَةِ بين البُكاءِ وعدمهِ، أي: أنَّ الملائكةَ تُظِلُّهُ سواءٌ تبكيهِ أم(5) لا (حَتَّى رُفِعَ) من محلِّه(6).
          وسبقَ هذا الحديثُ في «باب الدخول على الميت بعد الموت»، من(7) «الجنائز» [خ¦1244].


[1] في (د): «تبكي».
[2] «عنه»: ليست في (ص).
[3] «ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي»: ليست في (م).
[4] في (س): «وتبشره».
[5] في (م): «أو».
[6] في (ص) و(د) و(ل) و(م): «غسله».
[7] في (م): «على».