إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما

          4035- 4036- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ ”حَدَّثني“ (إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) الرَّازيُّ الفرَّاءُ الصَّغير قال: (أَخْبَرَنَا هِشَامٌ) هو ابنُ يوسفَ الصَّنعانيُّ قال: (أَخْبَرَنَا(1) مَعْمَرٌ) هو ابنُ راشدٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّدِ بنِ مسلمٍ (عَنْ عُرْوَةَ) بنِ الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ) ♦ (أَنَّ فَاطِمَةَ ♀ وَالعَبَّاسَ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ) ♥ (يَلْتَمِسَانِ) أي: يطلُبانِ (مِيرَاثَهُمَا أَرْضَهُ) ╕ (مِنْ فَدَكٍ) بالصَّرفِ، ولأبي ذرٍّ ”مِن فَدَكَ“ بعدَمِه. وكانت له ╕ خاصَّة (وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ) وهو الخُمُس. (فَقَالَ) لهما (أَبُو بَكْرٍ) ☺ : (سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم يَقُولُ: لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ) بالرفع خبرُ المبتدأ، وهو(2) «ما تَرَكنا»، وسبقَ في «الخُمُس» [خ¦3093] أنَّ الإماميَّةَ حرَّفُوه فقالوا: لا يُورَث، بالتَّحتية بدل النون، و«صدقةً» نصب على الحال، و«ما تَرَكنا» مفعولٌ لِمَا لم يُسمَّ فاعلُه، فجعلُوا المعنى: أنَّ ما يتركُ صدقةً لا يورثُ. فحرَّفوا الكلامَ وأخرجُوه عن نَمطِ الاختِصَاص؛ إذ آحادُ الأمَّةِ إذا وقَفُوا أموالهُم وجعلوهَا صدقةً انقطَعَ حقُّ الورثةِ عنها، معَ مزيدِ بحثٍ لذلك فراجِعهُ.
          (إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا المَالِ) من جملةِ من يأكلُ منه، أي: يعطونَ منهُ ما يكفيهِم لا على وجهِ الميراثِ، ثمَّ اعتذرَ أبو بكرٍ عن منعهِ القسمةَ بقوله: (وَاللهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صلعم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي) ولا يلزمُ منهُ أن لا يَصِلَهم ببرِّه من جهةٍ أخرى.
          وتقدَّم هذا الحديثُ في أوَّل «الخمسِ» [خ¦3093] بدونِ قوله: «واللهِ لَقرابة...» إلى آخره.
          قال في «الفتح»: وظاهرهُ الإدراج، وقد بيَّنه الإسماعيليُّ بلفظ: «فتشهَّد أبو بكرٍ فحمدَ الله وأثنى عليه، ثمَّ قال: أمَّا بعدُ، فواللهِ لَقَرابةُ رسولِ الله صلعم أحبُّ إليَّ أن أصِلَ من قَرابَتِي» ، والله تعالى أعلم.


[1] في (ب) و(د): «حدثنا».
[2] في (د): «أو هو».