إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إني خيرت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على السبعين

          1366- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) بضمِّ الموحَّدة وفتح الكاف، نسبه لجدِّه، لشهرته به(1)، واسمُ أبيه: عبدُ الله المخزوميُّ مولاهم، المصريُّ، ثقةٌ في اللَّيث، وتكلَّموا في سماعه من مالكٍ، لكن قال المؤلِّف في «تاريخه الصَّغير»: ما روى يحيى ابن بكَيرٍ عن أهل الحجاز في التَّاريخ(2) فإنِّي انتقيته(3)، وهذا يدلُّ على أنَّه ينتقي(4) حديث شيوخه؛ ولذا(5) ما خرَّج له عن مالكٍ سوى خمسة أحاديث مشهورةٍ متابعةٍ(6) [خ¦2629] [خ¦3149] [خ¦4095] [خ¦4420] [خ¦5315] قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمامُ (عَنْ عُقَيْلٍ) بضمِّ العين وفتح القاف، ابن خالدٍ الأيليِّ، أحد الأثبات الثِّقات، وأحاديثه عن الزُّهريِّ مستقيمةٌ، وأخرج له الجماعة (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ) بتصغير الأوَّل، أحد الفقهاء السَّبعة (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ♥ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ) بضمِّ «ابنُ» وإثبات ألفه، صفةٌ لعبد الله؛ لأنَّ «سلول» أمُّه، وهي(7) بفتح السِّين غير منصرفٍ للعلميَّة والتَّأنيث، و«أُبَيٍّ» بضمِّ الهمزة وفتح الموحَّدة وتشديد المثنَّاة التَّحتيَّة منوَّنًا‼ (دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلعم ) بضمِّ دال «دُعِي» مبنيًّا للمفعول، ورفع «رسولُ» نائبٌ عن الفاعل (لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ) بنصب «يصلِّي» (فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلعم وَثَبْتُ إِلَيْهِ) بفتح المثلَّثة وسكون الموحَّدة (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ) بهمزة الاستفهام (وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا؟! أُعَدِّدُ / عَلَيْهِ) صلعم (قَوْلَهُ) القبيح(8) في حقِّ النَّبيِّ صلعم والمؤمنين (فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلعم ، وَقَالَ: أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ) صلعم الكلام (قَالَ: إِنِّي خُيِّرْتُ) بضمِّ الخاء المعجمة مبنيًّا للمفعول، أي: في قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً (9)} الآية[التوبة:80] وفي نسخةٍ: ”إنِّي قد خُيِّرت“ (فَاخْتَرْتُ) الاستغفار (لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ) ولأبي ذَرٍّ: ”لو زدت“ (عَلَى السَّبْعِينَ فَغُفِرَ لَهُ) ولأبي ذَرٍّ: ”يغفر له“ (لَزِدْتُ عَلَيْهَا، قَالَ) عمر: (فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلعم ، ثُمَّ انْصَرَفَ) من صلاته (فَلَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ) سورة (بَرَاءَة: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا} إِلَى: {وَهُمْ}) ولأبي ذَرٍّ: ”إلى قوله: {وَهُمْ}“ ({فَاسِقُونَ}[التوبة:84]) فنُهِيَ عن الصَّلاة؛ لأنَّ المراد منها: الدُّعاء للميِّت والاستغفار له، وهو ممنوع في حقِّ الكافر؛ ولذلك رتَّب النَّهي على قوله: «{مَّاتَ أَبَدًا}» يعني: الموت على الكفر، فإنَّ إحياء الكافر للتَّعذيب دون التَّمتُّع، وقوله: {وَهُمْ فَاسِقُونَ} تعليلٌ للنَّهي (قَالَ) عمر: (فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي(10) عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم يَوْمَئِذٍ) في مراجعتي له (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ).


[1] في (د): «نسبةً لجدِّه وشهرته به».
[2] «في التَّاريخ»: مثبتٌ من (ب) و(س) و(ج).
[3] في (د): «أنتقيه».
[4] زيد في (ب) و(س): «في».
[5] في (د): «وكذا».
[6] في (د): «متعاقبة».
[7] في (د): «وهو».
[8] في (ص): «التقبيح».
[9] «{ سَبْعِينَ مَرَّةً }»: ليس في (د).
[10] في (د): «جراءتي».