إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لقد خشيت أن يكون قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا

          1274- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَكِّيُّ) الأزرقيُّ على الصَّحيح، ويقال: الزَّرقيُّ صاحب «تاريخ مكَّة»، قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ) أبيه (سَعْدٍ) هو ابن إبراهيم (عَنْ أَبِيهِ) إبراهيم بن عبد الرَّحمن (قَالَ: أُتِيَ) بضمِّ الهمزة مبنيًّا للمفعول (عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بالرَّفع: نائبٌ عن الفاعل (ابْنُ عَوْفٍ ☺ يَوْمًا بِطَعَامِهِ) بالضَّمير الرَّاجع إليه، وكان صائمًا (فَقَالَ: قُتِلَ) بضمِّ القاف، مبنيًّا للمفعول (مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ) بضمِّ الميم وسكون الصَّاد وفتح العين(1) المهملتين، مرفوعٌ: نائبٌ عن الفاعل، و«عُمَير» بضمِّ العين مصغَّرًا / القرشيُّ العبدريُّ، قال عبد الرَّحمن ابن عوفٍ: (وَكَانَ) مصعب (خَيْرًا مِنِّي) قاله تواضعًا وهضمًا لنفسه (فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلَّا بُرْدُهُ(2)) بالضَّمير العائد على «مصعب»، قال الحافظ ابن حجرٍ: وهو رواية الأكثر، قال: ولأبي ذَرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ(3): «إلَّا بردةٌ» بلفظ واحدِ البرود. انتهى. والَّذي في الفرع عن الكُشْمِيْهَنِيِّ بالضَّمير، والبُرد: نمرةٌ، كالمئزر، وهذا موضع التَّرجمة؛ لأنَّ ظاهره أنَّه لم يوجد ما يملكه إلَّا البردة المذكورة (وَقُتِلَ حَمْزَةُ) بن عبد المطَّلب في غزوة أُحدٍ (_أَوْ رَجُلٌ آخَرُ_) قال الحافظ ابن حجرٍ: لم أقف على اسمه (خَيْرٌ مِنِّي، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ إِلَّا بُرْدَةٌ) وللكُشْمِيْهَنِيِّ _كما في الفرع وأصله(4)_: ”إلَّا برده“ بالضَّمير الرَّاجع لمصعبٍ(5)، قال عبد الرَّحمن بن عوفٍ: (لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ(6) قَدْ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا) يعني: أصبنا ما كُتِبَ لنا من الطَّيِّبات في دنيانا، فلم يبقَ لنا بعد استيفاء حظِّنا شيءٌ منها(7)، والمراد بالحظِّ: الاستمتاع والتَّنعُّم الَّذي يشغل الالتذاذ(8) به عن الدِّين وتكاليفه، حتَّى يعكف همَّته على استيفاء اللَّذات، أمَّا من تمتَّع بنعم الله ورزقه الَّذي خلقه الله(9) تعالى لعباده؛ ليتقوَّى(10) بذلك على دراية العلم والقيام بالعمل، وكان ناهضًا بالشُّكر، فهو عن ذلك بمعزلٍ (ثُمَّ جَعَلَ) عبد الرَّحمن (يَبْكِي) خوفًا من تخلُّفه عن اللَّحاق بالدَّرجات العُلى‼.
          وشيخ المؤلف من أفراده، والثَّلاثة البقيَّة مدنيُّون، وفيه التَّحديث، والعنعنة، والقول، وأخرجه أيضًا(11) المؤلِّف في «الجنائز» [خ¦1275] و«المغازي» [خ¦4045].


[1] «العين»: ليس في (د).
[2] في (د): «بردة»، وليس بصحيحٍ.
[3] في (م): «للكُشْمِيهَنِيِّ».
[4] «وأصله»: ليس في (م).
[5] في (ب) و(د) و(س): «إليه».
[6] في (س): «تكون».
[7] في (م): «فيها»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[8] في (د): «الاستلذاذ».
[9] اسم الجلالة «الله» مثبتٌ من (ص) و(م).
[10] في (م): «ليقوى».
[11] «أيضًا»: مثبتٌ من (س) و(ص).