إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا

          1258- 1259- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ) بضمِّ العين، ابن حفصٍ الثَّقفيُّ البكراويُّ البصريُّ، قاضي كرمان قال: (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ) السَّختيانيِّ (عَنْ مُحَمَّدٍ) هو ابن سيرين (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ) الأنصاريَّة (قَالَتْ: تُوُفِّيَتْ إِحْدَى بَنَاتِ النَّبِيِّ صلعم ) هي زينب على المشهور كما مرَّ [خ¦1253] (فَخَرَجَ، فَقَالَ) ولأبي ذَرٍّ: ”فخرج النَّبيُّ صلعم فقال“ أي: لأمِّ عطيَّة ومن معها من النِّسوة: (اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ) ذلك، فوَّض ذلك لآرائهنَّ(1)، بحسب المصلحة والحاجة، لا بحسب التَّشهِّي، فإنَّ ذلك زيادةٌ غير محتاجٍ إليها، فهو من قبيل الإسراف؛ كما في ماء الطَّهارة (بِمَاءٍ وَسِدْرٍ) يتعلَّق بـ «اغسلنها» (وَاجْعَلْنَ فِي) الغسلة (الآخِرَةِ كَافُورًا) بأنْ يُجعَل في ماءٍ، ويُصَبَّ على الميِّت في آخر غسله(2)، هذا ظاهر الحديث، وقيل: إذا كمل غسله طُيِّب بالكافور قبل التَّكفين، ويُكرَه تركه كما نصَّ عليه في «الأمِّ»، وليكن بحيث لا يفحش التَّغيُّر به إن لم يكن صلبًا، والحكمة فيه: التَّطيُّب للمصلِّين والملائكة، وتقوية البدن ودفعه الهوامَّ، وردع ما يتحلَّل(3) من الفضلات، ومنع إسراع الفساد إلى الميِّت لشدَّة برده، ومن ثمَّ جعل في الآخرة إذ لو كان في غيرها لأذهبه الماء، وقوله: (أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ) شكٌّ من الرَّاوي أيُّ اللَّفظين قاله(4) ╕ ؟ وهل يقوم غير الكافور كالمسك مقام الكافور(5) عند عدمه أم لا؟ نعم أجازه أكثرهم، وأمر به عليٌّ ☺ في حنوطه، وقال: هو من فضل حنوط النَّبيِّ صلعم (فَإِذَا فَرَغْتُنَّ) من غسلها (فَآذِنَّنِي) أعلمنني (قَالَتْ) أمُّ عطيَّة: (فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حَـِقْوَهُ) بفتح الحاء وتُكسَر: إزاره (فَقَالَ: أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ) اجعلنه ملاصقًا لبشرتها. (وَ) بالإسناد السَّابق (عَنْ أَيُّوبَ) السَّختيانيِّ (عَنْ حَفْصَةَ) بنت سيرين (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ) الأنصاريَّة ( ♦ بِنَحْوِهِ) أي: بنحو الحديث الأوَّل (وَقَالَتْ) بالواو، وللأَصيليِّ: ”قالت“ : (إِنَّهُ قَالَ: اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ) ذلك (قَالَتْ حَفْصَةُ: قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا) أي: شعر رأسها، فهو من مجاز المجاورة (ثَلَاثَةَ قُرُونٍ) أي: ضفائر، فإن قلت(6): ما وجه إدخال هذه التَّرجمة المتعلِّقة(7) بالغسل، بين ترجمتين متعلِّقتين بالكفن؟ أُجيبَ بأنَّ العرف تقديم ما يحتاج إليه الميِّت قبل الشُّروع في غسله، أو قبل الفراغ منه، ومن جملة ذلك الحنوط.


[1] في (د): «لرأيهنَّ».
[2] في (د): «غسلةٍ»، وكذا في «الفتح».
[3] في (م): «يتخلَّل».
[4] في (ب) و(س): «قال».
[5] في (ب) و(د) و(س): «كالمسك مقامه عند».
[6] في (د): «فإن قال قائلٌ».
[7] في (م): «المعلَّقة».