الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب فضل الغسل يوم الجمعة

          ░2▒ (باب: فَضْلِ الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ)
          كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: أي: باب: ذكر أنَّ الغُسل فيه أفضل، وأمَّا قوله في التَّرجمة: (هَلْ عَلَى الصَّبِيِّ شُهُودُ يَوْمِ الجُمُعَةِ؟) فالدَّالُّ عليه قوله: (كُلِّ مُحْتَلِمٍ) وهو دالٌّ أيضًا على عدم الغُسل على النِّساء لأنَّ وجوبه على مَنْ عليه الجمعة، وليست على النِّساء صلاة الجمعة، فلا يكون عليهنَّ غُسل أيضًا. انتهى.
          وفي «هامشه»: وجَّه الشَّيخ قُدِّس سرُّه ترجمة البخاريِّ بذلك لتدلَّ على حكم الغُسْل، بخلاف ما قال الحافظ؛ إذ قال عن ابن المنيِّر: لم يذكر الحكم لِما وقع فيه مِنَ الخلاف، واقتصر على الفضل لأنَّ معناه التَّرغيب فيه، وهو القدر الَّذِي تتَّفق الأدلَّة على ثبوته. انتهى.
          قلت: ذِكر الفَضْل إشارة إلى حكمه، وهو عدم الوجوب، وهو قول الجمهور، خلافًا للظَّاهريَّة القائلين بالوجوب، ويمكن الاعتذار عمَّا نقله الحافظ عن ابن المنيِّر بأنَّ الفضل لا يدلُّ على الحكم، فإنَّه سيبوِّب بـ(باب: فضل الجمعة مع فَرْضيَّتها) وتقدَّم (باب: فضل الجماعة) مع تبويبه بـ(باب: وجوب الجماعة) فلأجل ذلك وجَّه الشَّيخ التَّرجمة وأوَّلها إلى قول الجمهور، والمسألة خلافيَّة شهيرة بُسطت في «الأوجز»، وجملتها أنَّه واجب عند الظَّاهريَّة، وهو قول لمالك وأحمد، وسُنَّة عند الأئمَّة الأربعة مؤكَّدة، أو مندوب، قولان.
          وهاهنا(1) مسألة أخرى وهي أنَّهم اختلفوا هل الغسل لليوم حتَّى يجب على النِّساء أيضًا، أو للصَّلاة فيجب على مَنْ تجب عليه الجمعة؟ بسطت هذه المسألة أيضًا في «الأوجز»، وسيبوِّب لها المصنِّف قريبًا بـ(باب: هل على مَنْ لا يشهد الجمعة غسل؟...) إلى آخره.
          قوله: (وَهَلْ عَلَى الصَّبِيِّ شُهُودُ يَوْمِ الجُمُعَةِ، أَوْ عَلَى النِّسَاءِ؟) قيل: أشار إلى عدم وجوبه على الصِّبيان بلفظ: المحتلم، فإنَّه يخرج الصَّبيُّ ظاهرًا، والنِّساء لأنَّ الفروض تجب عليهنَّ في الأكثر بالحيض لا بالاحتلام، وقيل: عموم لفظ (أحدكم) يتناول الصَّبيَّ والنِّساء، لكنَّ حديث أبي داود بلفظ: ((لا جمعة على امرأة ولا صبيٍّ))(2) يخالفه لكنَّه ليس على شرطه، فذكره بلفظ: (هل).
          أو يقال: لفظ (هل) في حقِّ النِّساء لاحتمال دخولهنَّ في العموم المذكور، لكنَّ عموم النَّهي في منعهنَّ مِنْ حضور المساجد إلَّا باللَّيل يخرج حضورهنَّ الجمعة، انتهى(3) ملخَّصًا مِنَ «الفتح» والعَينيِّ.


[1] في (المطبوع): ((وهنا)).
[2] سنن أبي داود، باب الجمعة للمملوك والمرأة، رقم 1067 بلفظ عن النبيِّ صلعم قال: الجُمعة حقٌّ واجبٌ على كلٍّ مسلم في جماعة إلا أربعةً: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبيّ، أو مريض
[3] أنظر فتح الباري:2/357 وعمدة القاري:6/164