الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم

          ░26▒ (باب: لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ ولا الكَافرُ المَسْلِمَ)
          هكذا ترجم بلفظ الحديث، ثمَّ قالَ: (وإذا أسلم قبل أن يقسم الميراث، فلا ميراث له(1)) فأشار إلى أنَّ عمومه يتناول هذه الصُّورة، فمَنْ قيَّد عدمَ التَّوارث بالقسمة احتاج إلى دليلٍ، وحجَّة الجماعة أنَّ الميراث يُستَحقُّ بالموت، فإذا انتقل عن مِلك الموت(2) بموته لم ينتظر قسمته، لأنَّه استحقَّ الَّذِي انتقل عنه ولو لم يقسم المال. انتهى مِنَ «الفتح».
          قلت: ولمَّا كانت هذه المسألة الثَّانية متفرِّعة على السَّابق ذكرها البخاريُّ بعده. وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: قوله: (فلا ميراث له) وذلك، لأنَّ الاعتبار بوقت الموت لا بوقت القسمة عند الجمهور، ثمَّ قالَ تحتَ حديثِ الباب: وذهب معاذ بن جبل ومعاوية وسعيد بن مسيِّب(3) إلى أنَّه يرث منه لقوله صلعم: ((الإِسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى عليه)) وحجَّة الجمهور هذا الحديث الصَّحيح، وأجابوا عن حديث ((الإِسْلاَمُ يَعْلُو)) بأنَّ معناه فضلُ الإسلام، وليس فيه تعرُّض للإرث، فلا يُترَك النَّصُّ الصَّريح بذلك. انتهى.
          وبسط الكلام على المسألتين المذكورتين في التَّرجمة في «هامش اللَّامع»، وفيه: لا يذهب عليك أنَّ صاحب <<مظاهر حق>> الشرح الهنديِّ لـ«مشكاة المصابيح» حكى مذهب الإمام مالك موافقًا لمَنْ قال: يرث المسلم الكافر، ويوهم كلامه أنَّه أخذه عن النَّوويِّ، وليس كذلك، فإنَّ النَّوويَّ لم يذكر فيه خلافَ مالكٍ، بل ذكر مذهبه موافقًا لمسلك الجمهور. انتهى.


[1] قوله: ((فلا ميراث له)) ليس في (المطبوع).
[2] كذا في الأصل، والظَّاهر بدله الميت
[3] في (المطبوع): ((المسيب)).