الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب

          ░40▒ (باب) بغير ترجمة
          قالَ الحافظُ: كذا للأكثر بغير ترجمة، وللكُشْمِيهَنيِّ: <باب: طُلُوع الشَّمس مِنْ مَغْرِبِها>، وكذا هو في «نسخة الصَّغانيِّ»، وهو مناسب، ولكنَّ الأوَّل أنسَبُ لأنَّه يصير كالفصل مِنَ الباب الَّذِي قبله، ووجهُ تعَلُّقه به أنَّ طلوع الشَّمس مِنْ مغربها إنَّما يقع عند إشراف قيام السَّاعة كما سأقرِّره. انتهى.
          قلت: والأوجَهُ عندَ هذا العبدِ الضَّعيفِ: أنَّ المصنِّف ذكره بغير ترجمة لمناسبة قوله تعالى_في الباب السَّابق_: {وَمَا أَمْرُ السَّاعة إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ} الآية [النحل:77]، لِما ذُكر في حديث الباب مِنْ أمورٍ تدلُّ على فجأة القيامة كقوله صلعم: (وَلَتَقُومَنَّ السَّاعة وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلاَنِ...) الحديث.
          ثمَّ إنَّ الشَّيخ الكَنكَوهيَّ قُدِّس سِرُّه أفاد هاهنا في شرح حديث الباب نكتة بديعة لم أرَ مَنْ تعرَّض لها مِنَ الشُّرَّاح حيث قال: قوله: (آمنوا أجمعون...) إلى آخره، ربَّما يختلج أنَّ خوارق العادات مِنْ كرامات الأولياء ومعجزات الأنبياء وآيات قدرة العزيزِ سلطانُه تبارك وتعالى مِنْ لَدُنْ عهد آدم عليه وعلى نبيِّنا أفضلُ الصَّلاة والسَّلام متكاثرة، إلَّا أنَّه لم يصر شيء منها سببًا لإسلام الخلق وإيمانهم كافَّةً، فكيف آمنوا بتلك الآية أجمعون؟ ولعلَّ الوجه في ذلك أنَّ الشَّياطين والمَرَدَة امتنعوا عند ذلك مِنَ الإغواء والإضلال لعلمهم أنَّ الإيمان لا يفيد بعد ذلك، فلا حاجة إلى الصَّدِّ عنه، فكان امتناعهم عن الإضلال سببًا ظاهرًا للإيمان، وأيضًا فإنَّ الله سبحانه وتعالى جعل الغَفْلة مانعةً عن قَبُول الحقِّ ليظهرَ مَنْ آمن بالغيب ممَّن لم يؤمن به، وهذا أوانُ انكشاف المغَيَّبات، فلم يبقَ المانع عن قَبُول الحقِّ حَتَّى ينحجزوا عنه. انتهى مِنَ «اللَّامع».