الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب التواضع

          ░38▒ (باب: التَّواضُع)
          مشتقٌّ مِنَ الضِّعة_بكسر أوَّلِه_ وهي الهَوان، والمراد بالتَّواضُع إظهارُ التَّنزُّل عن المرتبة لمن يُرَاد تعظيمه، وقيل: هو تعظيمُ مَنْ فوقَه لفضله. انتهى مِنَ «الفتح».
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: قال الجُنَيد: هو خَفْضُ / الجَنَاح ولِينُ الجَانِب. انتهى، وأورد على حديثَي الباب بعدم المطابقة بالتَّرجمة، كما ذكرت في «هامش اللَّامع».
          وكتبَ الشَّيخُ قدِّس سِرُّه في «اللَّامع»: ودلالة الرِّواية الأولى عليه مِنْ حيثُ إنَّها دلَّت على أنَّه لا شيء في مخلوقاته تعالى إلَّا وعليه فضلٌ لخلقٍ آخرَ مِنْ خَلْقه، وأيضًا فإنَّ قوله صلعم: (إِنَّ حَقًّا عَلَى اللهِ...) إلى آخره، دلَّ على هذا المعنى، فعُلِم بكلٍّ منهُمَا ألَّا ينبغي لشيء مِنَ الخليقة أن يَعُدَّ لنفسه فضلًا وأَنْ يتَكَبَّر عَلَى أحد، وأمَّا الرِّواية الثَّانية فدلالتها على التَّرجمة مِنْ حيثُ إنَّ العبادات لا سيَّما الصَّلاة غاية في الخضوع والتَّواضع، وقد تبيَّن فيها ما يترتَّب على هذا التَّواضع مِنْ عُلُوِّ المرتبة والقَبُول في حضرة الرَّبِّ تَبَارَك وتعالى. انتهى.
          قلت: والأوجَهُ عندي في مناسبة الحديث الثَّاني بالتَّرجمة أنَّها في قوله: (مَنْ عَادَى لي وَلِيًّا) فإنَّ المُتَواضِعَ لا يُعَادِي أَحَدًا فَضْلًا عن الأَوْلِيَاء.