الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: الغنى غنى النفس

          ░15▒ (باب: الغِنَى غِنَى النَّفس)
          أي: سواء كان المتَّصِفُ بذلك قليلَ المال أو كثيرَه، والغِنَى_بكسر أوَّلِه مقصور وقد مُدَّ في ضرورة الشِّعر وبفتح أوَّلِه مع المدِّ_: هو الكفاية، قاله الحافظ.
          وقالَ العلَّامةُ العينيُّ: وحاصل معناه: ليس الغِنَى الحَقِيقيُّ المعتبَرُ مِنْ كثرة المال، بل هو مِنِ استغناء النَّفس وعدم الحرص على الدُّنْيا، ولهذا(1) ترى كثيرًا من المتَمَوِّلِين فَقِير النَّفس مجتهدًا في الزِّيادة، فهو لشِدَّة شَرَهِه وَشِدَّة(2) حِرْصِه على جَمْعِه كأنَّه فَقِير، وأمَّا غنى النَّفس فهو مِنْ باب الرِّضا بقضاء(3) الله لِعِلْمِه أنَّ مَا عند الله لا ينفد. انتهى.
          قالَ الحافظُ: قال الطِّيبيُّ: يمكن أنْ يُرَاد بِغِنَى النَّفس حصول الكمالات العلميَّة والعمليَّة، وإلى ذلك أشار القائل:
وَمَنْ يُنْفِقِ السَّاعَاتِ فِيْ جَمْعِ مَالِهِ                     مَخَافَةَ فَقْرٍ فَالَّذِي فَعَلَ الفَقْرُ
          أي: يَنْبَغي أَنْ يُنْفِق أوقاته في الغنى الحقيقيِّ، وهو تحصيلُ الكمالات، لا في جمع المال فإنَّه لا يزداد بذلك إلَّا فقرًا. انتهى.
          قالَ الحافظُ: وهذا وإن كان يمكن أنْ يُراد لكنَّ الَّذِي تقدَّم أظهرُ في المراد. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((ولذا)).
[2] قوله: ((شدة)) ليس في (المطبوع).
[3] في (المطبوع): ((لقضاء)).