التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: أن أبا بكر تزوج امرأةً من كلب يقال لها أم بكر

          3921- قوله: (حَدَّثَنَا أَصْبَغُ): تَقَدَّم أنَّه ابنُ الفَرَجِ، وأنَّه أعلمُ خلقِ الله برأي مالكٍ المجتهدِ صاحبِ الأتباعِ [خ¦210]، و(ابْنُ وَهْبٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه عبدُ الله بن وَهْبٍ أحدُ الأعلامِ، وتَقَدَّم مترجمًا [خ¦89]، و(يُونُسَ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابنُ يزيدَ الأيليُّ، و(ابْن شِهَابٍ): أنَّه الزُّهريُّ محمَّدُ بن مسلمٍ.
          قوله: (تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ كَلْبٍ يُقَالُ لَهَا: أُمَُّ بَكْرٍ): هذه المرأة لا أعرفُها، ولا اسمها، ولا ترجمتها، والظَّاهر هلاكها على الكفر، والله أعلم، وذلك [أنِّي] لم أرَ لها ذِكْرًا في الصَّحابيَّات في الكنى، والله أعلم.
          قوله: (يُقَالُ لَهَا: أُمَُّ بَكْرٍ): يجوز في (أمُّ) الرَّفع والنَّصْب، وهما ظاهران.
          قوله: (فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا هَذَا الشَّاعِرُ...) إلى آخره: هذا الشاعر يُقال له: ابن سوادة، كذا نسب هذا الشعر إليه ابنُ الأثير في «نهايته»، وعلَّم عليه: (س)؛ يعني: أنَّه من كتاب أبي موسى، ورأيتُ في حواشي أبي ذرٍّ على «سيرة ابن هشام» أنَّ قائلَ هذا الشعرِ أبو بكر بن الأسود، انتهى، وقال شيخُنا في «شرحه»: (سمَّاه ابنُ إسحاقَ في «السيرة»: شدَّاد بن الأسود بن عبد شمس بن مالك بن جَعْوَنة؛ بإسكان العين مع فتح الجيم _فنسبه شيخُنا إلى كنانة_ يُكنى أبا بكر، ويُعرَف [بابن] شَعُوب، وعن ابنِ هشام: قال أبو عُبَيدة: كان أسلم، ثُمَّ ارتدَّ، وقال ابن حَبِيب: شَعُوب أمُّه مِن خزاعة، واسمُه عَمرو بن سُمَيِّ بن ليث بن عبد شمس بن مالك، له شعرٌ كثيرٌ، قاله وهو كافرٌ، ثُمَّ أسلم بعدُ، وقال المرزبانيُّ: كان شاعرًا رثى قتلى بدرٍ مِنَ المشركين، وفي «صحيح الإسماعيليِّ»: أنَّ عائشةَ ♦ كانت تدعُو على مَن يقول: إنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ قال هذه القصيدة)، انتهى، وقال ابن شيخِنا البلقينيِّ: (هو أبو بكرٍ ابن شَعُوب، واسمُه شدَّاد بن الأسود)، وقد عزا ابنُ هشام البيتين في الأصل _وهما: «تحيِّي بالسلامة...» وقوله: «فماذا بالقليب...»_ لأبي بكر بن الأسود ابن شَعُوب اللَّيْثيِّ، وهو شدَّاد بن الأسود، ثُمَّ قال: (والقصيدةُ في «السيرة» أزيدُ ممَّا في «البُخاريِّ» بخمسة أبيات، قال ابنُ هشامٍ: وكان أسلم، ثُمَّ ارتدَّ)، انتهى.
          قوله: (مِنَ الشِّيزَى): هو بكسر الشين المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ زاي، مقصورٌ، والشِّيزَى: شجرٌ يُتَخذُّ منه الجِفان، وأراد بالجِفان: أربابها الذين كانوا يُطعَمون فيها، وقُتِلوا ببدر، وأُلقُوا بالقليب، فهو يرثيهم، وسمَّى الجفان شيزى باسم أصلها، وفي «المطالع»: («مِنَ الشِّيزَى»: المُطعَمِين، أو مِن أصحاب الشيزى، فلمَّا عُدِم القوم؛ عُدمت بعدمهم، فكأنَّها دُفنَت معهم، ويحتمل أن يريد أنَّ المطعم كانوا يسمُّونه: جَفنة، والشيزى: جفنة)، انتهى. /
          قوله: (مِنَ الْقَيْنَاتِ): هو بفتح القاف، جمع (قَينة) بفتحها أيضًا، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ نون، ثُمَّ تاء التأنيث، والقَينة: الأَمَة غنَّت أو لم تغنِّ، والماشطة، وكثيرًا ما يطلقون على المغنِّية مِنَ الإماء، وجمعها: قَينات، وتجمع على (قيان) أيضًا، والذي يظهر هنا أنَّ المراد: المغنِّيات؛ بقرينة قوله: (والشَّرْب)، والله أعلم.
          قوله: (وَالشَّرْبِ): هو بفتح الشين المعجمة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ موحَّدة، وهم الجماعة المجتمعون على الشراب.
          قوله: (أُمُّ بَكْرٍ): تَقَدَّم أنِّي لا أعرفها، ولا ترجمتها.
          قوله: (بِأَنْ سَنُحْيَا): هو بضمِّ النون في أصلنا، والذي يظهر فتحها، وكذا أحفظُه؛ لأنَّه لازمٌ، ولا يمتنع أن يكون بالضمِّ على أنَّه مِن المتعدِّي، والله أعلم.
          قوله: (أَصْدَاءٍ وَهَامِ): (الأصداء): بفتح الهمزة، ثُمَّ صاد ساكنة ثُمَّ دال مهملتين، ممدودٌ، قال ابن قُرقُول: (والصَّدَى ههنا: ذَكَرُ الهامِ، وهو طائرٌ يطير باللَّيل، يألف الخراب، وهو شبيهٌ بالبوم، والعرب تكنِّي عن الميِّت بالصَّدى والهام، تقول: هو هامة اليوم أو غد، وتزعم أنَّ الميِّت يخرج مِن رأسه طائرٌ يقال له: الهام والصدى).
          و(الهام): بتخفيف الميم، قال ابن قُرقُول: («لا هامة ولا صفر»، وقوله:
...............                     وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ؟
          الهام: طائرٌ يألف الموتى والقبور، وهو الصَّدَى، وهو طائر يطير باللَّيل، وهو غير البوم، لكنَّه يشبهه، وتزعم العرب أنَّ الرجل إذا قُتِل فلم يُدرَك بثأره؛ خرج مِن هامته _وهو أعلى رأسه_ طائرٌ يصيح على قبره: اسقوني فإنِّي عطشان، حتَّى يُقتَل قاتلُه، وقال بعضهم: يخرج من رأسه دودةٌ فتُسلَخ عن طائرٍ يفعل ذلك، فنهى النَّبيُّ صلعم عن اعتقاد ذلك، وإليه ذهب غير واحد؛ منهم أبو عبيد والحربيُّ، وقال مالكٌ: أُراها الطِّيَرة التي يقال لها: الهامة، وقد يحتمل أنَّه أراد التطيُّر بها؛ فإنَّ العرب كانت تتطيَّر بها، ومنهم من كان يتيمَّن بها، وحُكيَ هذا عن ابن الأعرابيِّ: كانت العرب تزعم أنَّ عظام الموتى تصير هامة، ويسمُّون الطائر الذي يخرج من هامة الميِّت إذا بلي: الصَّدَى)، انتهى.