التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب إسلام سلمان الفارسي

          قوله: (بابُ إِسْلَامُِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ): صريحُ ما رواه ابنُ إسحاق وكذا أحمدُ في «مسنده» مِن طريقه: أنَّ سلمان أسلم بعدما تحوَّل ◙ من قباء إلى المدينة، وسلمانُ ☺ لا أعلمُ اسمَ أبيه، وقد وقفتُ على تسمية أبيه في وقتٍ، ولكن الآن لا أحفظه، ولا أستحضر الآن أحدًا سمَّاه، وهو سلمانُ الخَيْر مولى رسول الله صلعم، سُئِل عن نسبه فقال: أنا ابنُ الإسلام، أصلُه _كما رواه ابن إسحاق بإسناده عنه_ من فارس، من قرية يقال لها: جَيُّ؛ بفتح الجيم، وتشديد الياء: قرية من قُرى أصبهان، وقيل: مِن رَامَهُرْمُز، وسيجيء في هذا الباب عن أبي عثمان عنه ذلك [خ¦3947]، ورامَهُرْمُز: بفتح الميم الأولى، وضمِّ الهاء، وإسكان الراء، وضمِّ الميم الثانية، وهي من بلاد خوزستان بقرب شيراز، ولعلَّه مِن إحداهما، وسَكَن الأخرى.
          وسببُ إسلامِه مشهورٌ، وأوَّلُ مشاهدِه الخندقُ، ولم يتخلَّف عن مشهدٍ بعدها، وقد تَقَدَّم [خ¦17/10-1711] أنَّهم نقلوا اتِّفاقَ العلماء _كما قاله الشيخُ محيي الدين النَّوويُّ_ أنَّه عاش مئتين وخمسين سنةً، وقيل: ثلاث مئة وخمسين، وقيل: إنَّه أدرك وصيَّ عيسى صلعم، وجاء: أنَّه لقي عيسى ◙، ولكنَّ لُقيَّه له لا يدلُّ على كبر سنٍّ؛ لأنَّه رآه بعد الرَّفع، رواه ابنُ إسحاقَ عن داودَ بنِ الحُصين: حدَّثني مَن لا أتَّهم، عن عُمَر بن عبد العزيز قال: قال سلمان...؛ فذكره، قيل: إنَّ الرجلَ المطويَّ الذِّكْرِ في هذا الإسناد هو الحسنُ بن عُمَارة، فإن يكُنْهُ؛ فهو ضعيفٌ عندهم، قاله السُّهَيليُّ، وقال: (وإن صحَّ هذا الحديث؛ فلا نكارة في متنه، فقد ذكر الطبريُّ أنَّ المسيح ◙ نزل بعدما رُفِع وأمُّه وامرأة أخرى عند الجذع الذي فيه الصليب تبكيان، فكلَّمهما وأخبرهما أنَّه لم يُقتَل، وأنَّ الله رفعه، وأرسل إلى الحواريِّين، ووجَّههم إلى البلاد، وإذا جاز أن ينزل مرَّةً؛ جاز أن ينزل مرارًا، ولكن لا يُعلَم به أنَّه هو حتَّى ينزلَ النزولَ الظَّاهرَ، فيكسرُ الصليبَ، ويقتلُ الخِنْزيرَ، كما في «الصحيح» [خ¦2222]، والله أعلم)، انتهى، وقد ذكرتُ كلامَ الذَّهبيِّ [خ¦17/10-1711]، ولفظُه: (ثُمَّ ظهر لي أنَّه مِن أبناء الثمانين، لم يبلغِ المئةَ)، انتهى، مناقبُه كثيرةٌ، تُوُفِّيَ ☺ بالمدائن سنة ستٍّ وثلاثين، وقيل: سنة خمس وثلاثين، ويقال: في خلافة عمر، وهو غلطٌ.