-
المقدمة
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
باب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
حديث: أرأيت اسم الأنصار كنتم تسمون به أم سماكم الله؟
-
حديث: كان يوم بعاث يومًا قدمه الله لرسوله فقدم رسول الله
-
حديث أنس: أولا ترضون أن يرجع الناس بالغنائم إلى بيوتهم
-
باب قول النبي: لولا الهجرة لكنت من الأنصار
-
باب إخاء النبي بين المهاجرين والأنصار
-
باب حب الأنصار
-
باب قول النبي للأنصار: أنتم أحب الناس إلي
-
باب أتباع الأنصار
-
باب فضل دور الأنصار
-
باب قول النبي للأنصار: اصبروا حتى تلقوني على الحوض
-
باب دعاء النبي: أصلح الأنصار والمهاجرة
-
باب: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}
-
باب قول النبي: اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم
-
باب مناقب سعد بن معاذ
-
باب منقبة أسيد بن حضير وعباد بن بشر
-
باب مناقب معاذ بن جبل
-
منقبة سعد بن عبادة
-
باب مناقب أبي بن كعب
-
باب مناقب زيد بن ثابت
-
باب مناقب أبي طلحة
-
باب مناقب عبد الله بن سلام
-
باب تزويج النبي خديجة وفضلها
-
باب ذكر جرير بن عبد الله البجلي
-
باب ذكر حذيفة بن اليمان العبسي
-
باب ذكر هند بنت عتبة بن ربيعة
-
باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل
-
باب بنيان الكعبة
-
باب أيام الجاهلية
-
القسامة في الجاهلية
-
باب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم
-
باب ما لقى النبي وأصحابه من المشركين بمكة
-
باب إسلام أبي بكر الصديق
-
باب إسلام سعد
-
باب ذكر الجن وقول الله تعالى: {قل أوحى إلي أنه استمع نفر من}
-
باب إسلام أبي ذر
-
باب إسلام سعيد بن زيد
-
باب إسلام عمر بن الخطاب
-
باب انشقاق القمر
-
باب هجرة الحبشة
-
باب موت النجاشي
-
باب تقاسم النبي على المشركين
-
باب قصة أبي طالب
-
باب حديث الإسراء
-
باب المعراج
-
باب وفود الأنصار إلى النبي بمكة وبيعة العقبة
-
باب تزويج النبي عائشة وقدومها المدينة وبناؤه بها
-
باب هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة
-
حديث: هاجرنا مع النبي نريد وجه الله
-
حديث: الأعمال بالنية
-
حديث: لا هجرة بعد الفتح
-
حديث: اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إليَّ أن أجاهدهم فيك
-
حديث: بعث رسول الله لأربعين سنةً فمكث بمكة ثلاث عشرة
-
حديث: إن عبدًا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء
-
حديث: إني أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين
-
حديث: صنعت سفرة للنبي وأبي بكر حين أرادا المدينة
-
حديث: لما أقبل النبي إلى المدينة تبعه سراقة بن مالك بن جعشم
-
حديث أسماء: حملت بعبد الله بن الزبير فخرجت وأنا متم
-
حديث: أول مولود ولد في الإسلام عبد الله بن الزبير
-
حديث: فقف مكانك لا تتركن أحدًا يلحق بنا
-
حديث: كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف في أربعة
-
حديث: هاجرنا مع رسول الله نبتغي وجه الله
-
حديث: إن أباك والله خير من أبي
-
حديث ابن عمر: وقدمت أنا وعمر على رسول الله فوجدناه
-
حديث: ابتاع أبو بكر من عازب رحلًا فحملته معه
-
حديث: قدم النبي وليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر
-
معلق دحيم: قدم النبي المدينة فكان أسن أصحابه أبو بكر
-
حديث: أن أبا بكر تزوج امرأةً من كلب يقال لها أم بكر
-
حديث: اسكت يا أبا بكر اثنان الله ثالثهما
-
حديث: فاعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئًا
-
حديث: هاجرنا مع النبي نريد وجه الله
-
باب مقدم النبي وأصحابه المدينة
-
باب إقامة المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه
-
باب التاريخ من أين أرخوا التاريخ؟
-
باب قول النبي: اللهم أمض لأصحابي هجرتهم
-
باب: كيف آخى النبي بين أصحابه
-
باب في أسئلة يهود ومعاملاتهم
-
باب إتيان اليهود النبي حين قدم المدينة
-
باب إسلام سلمان الفارسي
-
حديث: أرأيت اسم الأنصار كنتم تسمون به أم سماكم الله؟
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
3905- 3906- قوله: (حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بضمِّ الموحَّدة، وفتح الكاف، وأنَّه يحيى بن عبد الله ابن بُكَيْر، نُسب إلى جدِّه، و(اللَّيْثُ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابنُ سعدٍ، الإمامُ الجوادُ، و(عُقَيْلٌ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابنُ خالدٍ، و(ابْنُ شِهَابٍ): هو الزُّهريُّ محمَّدُ بن مسلمٍ.
قوله: (أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ): أبواها الصِّدِّيقُ أبو بكر وأمُّ رَُومان دعد، وقيل: زينب، تَقَدَّما، وتعني بـ(الدين): دين الإسلام، وقد تَقَدَّم ذلك [خ¦476]، و(قطُّ): تَقَدَّم الكلام عليها بلُغاتها [خ¦7].
قوله: (فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونُ): (ابتُلي): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و(المسلمون): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل.
قوله: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الغِمَادِ): تَقَدَّم الكلام عليه مطوَّلًا، وما رواه ابن إسحاق في ذلك معارضًا لهذا الكلام [خ¦2297]، وتَقَدَّم الكلام على (ابن الدُّغُنَّة) ضبطًا، وأنَّ اسمَه مالك، وقال بعضُ حُفَّاظ العصر: (أو الحارث)، وأنَّه هلك على كُفره، وأنَّ بعضَهم قال: (رَبيعة بن رُفيع)، وتَقَدَّم توهيمُه، وقد ذكرتُه مطوَّلًا ضمن (كتاب الحوالات) [خ¦2297]، وتَقَدَّم الكلام على (الْقَارَةِ): القبيلة المعروفة، وهي بتخفيف الراء [خ¦2297].
قوله: (لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ): (يَخرُج): بفتح أوله، وضمِّ ثالثه، مبنيٌّ للفاعل، و(يُخرَج) الثانية مبنيَّة للمفعول، وهذا ظاهرٌ، و(تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ): تَقَدَّم الكلام عليه في أوَّل هذا التعليق [خ¦7]، وكذا (فَأَنَا لَكَ جَارٌ) [خ¦2297].
قوله: (أَنْ يُـَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا): (يفتن): بفتح أوَّله ثلاثيٌّ، ويجوز رُباعيٌّ، وهما لغتان، و(نساءَنا): منصوب مفعول، وهذا ظاهرٌ، و(أبناءَنا): معطوف عليه.
قوله: (ثُمَّ بَدَا): تَقَدَّم أنَّه معتلٌّ غير مهموز؛ أي: ظهر، وهذا ظاهرٌ، وتَقَدَّم (الفَنَاء) ما هو ضبطًا ومعنًى [خ¦428].
قوله: (مَسْجِدًا): هذا المسجد هو أوَّل مسجد بُنِيَ في هذه الأمَّة أمَّة النَّبيِّ صلعم، وثانيه: مسجد قباء، والثالث: مسجد المدينة المشرَّفة.
قوله: (فَيَتَقَصَّفُ): هو بالقاف، والصاد المهملة المُشدَّدة، وبالفاء، قال ابن قُرقُول: («فيتقصَّف»، وفي رواية القابسيِّ: «تتقصَّف»(1) _بمثنَّاتين فوق_ أي: يزدحمن)، وقال في (القاف مع الذال المعجمة): («فَيَنْقَذِفُ عليه نساء المشركين»، كذا للمروزيِّ والمستملي، وعند غيرهما من شيوخ أبي ذرٍّ: «فَتَتَقَذَّف»(2)، وعند الجرجانيِّ: «فيتقصَّف»، وهو المعروف).
قوله: (وَأَفْزَعَ ذَلِكَ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ): (أشراف): منصوبٌ مفعولُ (أفزع)، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَجَرْنَا): هو بالراء، وهذا ظاهرٌ، وكذا (بِجُـِوَارِكَ) غير أنَّ فيه لغتين: جِوار؛ بالكسر، وجُوار؛ بالضمِّ، وقد تَقَدَّم [خ¦39/4-3582].
قوله: (أَنْ يُـَفْتِنَ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا): تَقَدَّم الكلام على (يُـَفتِن) أعلاه، وأنَّه ثلاثيٌ ورُباعيٌّ، وأنَّ (نساءَنا): منصوب، و(أبناءَنا): معطوف عليه، وفي نسخةٍ: (يُفتَن نساؤنا وأبناؤنا): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و(نساؤنا): بالرَّفع نائب مناب الفاعل، و(أبناؤنا): معطوف عليه، وهذا ظاهرٌ. /
قوله: (ذِمَّتَكَ): أي: أمانك وعهدك، وقد تَقَدَّم، وكذا تَقَدَّم (أَنْ نُخْفِرَكَ)، وكذا (الاِسْتِعْلَانَ): تَقَدَّم أنَّه منصوب مفعول اسم الفاعل؛ وهو (مُقِرِّين)، وكذا قوله: (فَإِمَّا): أنَّه بكسر الهمزة، وتشديد الميم، وكذا الثانية، وهذا ظاهرٌ جدًّا، وكذا (أُخْفِرْتُ): أنَّه مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة، ومعناه: نُقِضَ عهدي، وكذا تَقَدَّم (اللَّابَتَان): وأنَّهما الحرَّتان، وأنَّ الحرَّة: أرض تركبها حجارة سود، و(قِبَل): تَقَدَّم أنَّه بكسر القاف، وفتح الموحَّدة في الموضعين، وكذا تَقَدَّم الكلام على (رَِسْلِكَ)، وأنَّه بفتح الراء وكسرها باختلاف المعنى، فمعنى الكسر: التؤدة، والفتح: اللِّين والرفق، وأصله: السَّيْر اللَّيِّن [خ¦2297].
وكذا تَقَدَّم [خ¦2138] الكلام على قوله: (وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ): تَقَدَّم أنَّ إحداهما _وهي التي أخذها ◙ بالثمن_ أنَّها القصواء، وفي هذا «الصحيح»: أنَّها الجدعاء [خ¦4093]، وتَقَدَّم كم كان الثمن، وما الحكمة في أنَّه لا يأخذها إلَّا بالثمن [خ¦2138]، وسأذكره قريبًا إن شاء الله تعالى.
وتَقَدَّم الكلام على (وَرَقَ السَّمُرِ): وأنَّه بفتح السين، وضمِّ الميم، وأنَّه ضرب من شجر الطلح، الواحدة: سَمُرة [خ¦484]، و(الْخَبَطُ): أنَّه بفتح الخاء المعجمة والموحَّدة، وبالطاء المهملة، وهو ورق السَّمُر، كما في الرواية، وقال بعضهم: (كذا وقع: «السَّمُر؛ وهو الخبط»، وفيه نظر، فقد فرَّق بينهما أبو حنيفة في «نباته» وأبو زياد)، وكذا تَقَدَّم الكلام على (نَحْرِ الظَّهِيرَة) وأنَّه حين تبلغ الشمس منتهاها من الارتفاع، وقال يعقوبُ: (هو أوَّلها) [خ¦2661].
قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ): تَقَدَّم أنَّ (ابن شهاب): هو الزُّهْرِيُّ محمَّدُ بنُ مسلمِ بنِ عُبَيد الله بن عَبد الله بن شهاب، العالمُ المشهورُ، و(قال) من المُدَلِّس بمنزلة (عَنْ) و(أَنَّ)، والله أعلم، وقد احتمل الأئمَّةُ تدليسَه، وذلك إمَّا لإمامته، أو لقلَّة تدليسه في جنب ما روى، أو لأنَّه لا يدلِّسُ إلَّا عن ثقةٍ، والله أعلم.
قوله: (قَالَ قَائِلٌ لأَبِي بَكْرٍ): هذا القائلُ لا أعرفُ اسمَه، قال بعضُ الحُفَّاظ العصريِّين: (يحتمل أن يُفَسَّر بعامر ابن فُهَيرة مولى أبي بكرٍ).
قوله: (مُتَقَنِّعًا): (التقنُّع): هو تغطية الرأس من داء ونحوه، قاله ابن قُرقُول، وقال ابن القَيِّم في كتاب «الهَدْي» ما لفظه: (وأمَّا الطيلسان؛ فلم يُنقَل عنه صلعم أنَّه لبسه، ولا أحدٌ من الصَّحابة، بل قد ثبت في «صحيح مسلم» من حديث أنس بن مالك(3) عن النَّبيِّ صلعم: أنَّه ذكر الدَّجَّال، فقال: «يخرج معه سبعون ألفًا من يهود أصبهان عليهم الطَّيالِسَة»، ورأى أنسٌ ☺ جماعةً عليهم الطيالسة، فقال: «ما أشبههم بيهود خيبر!»، ومِن ههنا كره لبسَها جماعةٌ من السلف والخلف؛ لما روى أبو داود والحاكم في «المستدرك» عن ابن عمر عن النَّبيِّ صلعم أنَّه قال: «مَن تشبَّه بقومٍ فهو منهم»، وفي التِّرمذيِّ عنه صلعم: «ليس منَّا مَن تشبَّه بغيرنا»، وأمَّا ما جاء في حديث الهجرة: أنَّ النَّبيَّ صلعم جاء إلى أبي بكرٍ متقنِّعًا بالهاجرة؛ فإنَّما فعله النَّبيُّ صلعم تلك الساعة ليختفي بذلك، ففَعَله للحاجة ولم تكن عادته التقنُّع، وقد ذكر أنسٌ ☺ أنَّه كان يُكثر القِنَاع، وهذا إنَّما كان فَعَله _والله أعلم_ للحاجة من الحرِّ ونحوه، وأيضًا فليس التقنُّع هو التَّطيلُس)، انتهى.
وقد ذكر الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «تهذيبه» في (بدع) عن أبي محمَّد بن عبد السلام الشافعيِّ المعروف أنَّه قال: (البدعة منقسمة إلى واجبةٍ، ومحرَّمةٍ، ومندوبةٍ، ومكروهةٍ، ومباحةٍ...) إلى أن قال: (وللبدع المباحة أمثلةٌ منها كذا وكذا...) إلى أن قال: (ولبس الطيالسة، وتوسيع الأكمام، وقد يختلف في بعض ذلك)؛ يعني: في بعض مجموع ما ذكره من الأمثلة، قال: (فيجعله بعضُ العلماء من البدع المكروهة، ويجعله آخرون من السنن المفعولة في عهد رسول الله صلعم فما بعده...) إلى آخر كلامِه.
وقد نقل شيخنا الإمام غياث الدين ابن العاقوليِّ في كتابه «الرصف» ترجمةً في ملابسه صلعم، فقال: (الطيلسان: عن عبد السلام بن حرب: حدَّثني موسى الحارثيُّ زمن بني أميَّة قال: وُصِف لرسول الله صلعم الطيلسان، فقال: «هذا ثوب لا يؤدَّى شكرُه»، أخرجه ابن سعدٍ)، انتهى.
وقد رأيت في «الكفاية» للعلَّامة الفقيه نجم الدين ابن الرَّفعة المصريِّ الشافعيِّ ما لفظه: (فقد يكون الشيء مروءة لقومٍ، وتَرْكُه مروءة لآخرين، فإنَّ السوقيَّ لو تطيلس؛ كان تاركًا للمروءة، وهو من الفقيه مروءة) انتهى، فمفهومه: أنَّ ترك الطيلسان للفقيه ترك مروءة، وهذا تباين كبير بين كلامه وكلام ابن القَيِّم، وكذا كلام ابن عبد السلام: أنَّه من البدع المباحة، والله أعلم.
قوله: (فِدًى(4) لَهُ أَبِي وَأُمِّي): تَقَدَّم الكلام عليه [خ¦979].
قوله: (فَأَذِنَ(5) لَهُ(6)): هو بفتح الهمزة، مبنيٌّ للفاعل.
قوله: (أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ): (أَخرِج): بفتح الهمزة، وكسر الراء، فعل أمرٍ، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (الصَّحَابَةَُ): كذا في نسخةٍ في هامش أصلنا، وفي الأصل: (الصُّحبةَ)، و(الصَّحابة): منصوبةٌ ومرفوعةٌ، و(الصُّحبةَ) منصوبةٌ فقط، كذا في أصلنا، وينبغي أن يجيء فيها ما جاء في (الصَّحابة)، والله أعلم.
قوله: (بِالثَّمَنِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّ الراحلة التي هاجر عليها النَّبيُّ صلعم القصواء، كذا قاله غير واحدٍ، وفي هذا «الصحيح» في (غزوة الرَّجيع): أنَّها الجدعاء [خ¦4093]، وكذا قال مغلطاي في «سيرته»، وقد اختُلِف في القصواء والجدعاء والعضباء؛ هل هنَّ ثلاث، أو اثنتان، أو واحدة؟ على أقوال.
فائدةٌ: قال السُّهيليُّ: (سُئِل بعض أهل العلم: لِمَ لم يقبلها رسول الله صلعم إلَّا بالثمن؟) انتهى، واعلم أنَّ الثمن كان أربع مئة درهمٍ، كما تَقَدَّم [خ¦2138]، قال السُّهيليُّ: (وقد أنفق أبو بكرٍ من ماله عليه ما هو أكثر من هذا فقَبِلَه، وقد قال ◙: «ليس مِن أحد أمنَّ عليَّ في أهلٍ ومالٍ من أبي بكرٍ»، وقد دفع إليه حين بنى بعائشة ثنتي عشرة أوقيَّةً ونشًّا، فلم يأبَ من ذلك.
فقال المسؤول: / إنَّما ذلك لتكون هجرته إلى الله بنفسه وماله؛ رغبةً منه ◙ في استكمال فضل الهجرة إلى الله ╡، وأن تكون الهجرة والجهاد على أتمِّ أحوالها، وهو قولٌ حسنٌ، حدَّثني بهذا بعض أصحابنا عن الفقيه الزاهد ابن اللَّوَّان) انتهى، ورأيت في حاشية نسخةٍ من «الرَّوض» عن ابن دحية تجاه: (بعض أصحابنا): أنَّه أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف الحمزيُّ، عُرف بابن قُرقُول، وقد قدَّمتُ ذلك كلَّه [خ¦2138].
فائدةٌ: في «صحيح أبي حاتم» عن عائشة ♦ قالت: (أنفق أبو بكرٍ على رسول الله صلعم أربعين ألفًا)، كذا عزاه إلى أبي حاتمٍ المحبُّ الطبريُّ في «أحكامه» في (الزكاة)، وفي «تذهيب الذَّهبيِّ» عن عروة: أنَّ أبا بكرٍ أسلم وله أربعون ألف دينارٍ، وقد قدَّمتُ ذلك أيضًا [خ¦2138].
قوله: (أَحَثَّ الْجَـِهَازِ): هو بالثاء المُثلَّثة؛ أي: أَعْجَل وأَسْرَع، و(الجَـِهَاز): هو بفتح الجيم وكسرها.
قوله: (سُفْرَةً): تَقَدَّم أنَّ (السفرة) طعام المسافر [خ¦2979]، وتَقَدَّم (الْجِرَاب) بالكسر، وتُفْتَح؛ لُغيَّةٌ حكاها النَّوويُّ [خ¦2309]، وتَقَدَّم (النِّطَاق) ما هو، وكذا قوله: (سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَينِ) تَقَدَّم [خ¦2979]، وكذا (ثَوْر) أنَّه جبل في حواضر مكَّة، وأنَّه بالثاء المُثلَّثة [خ¦2263]، وكذا قوله: (فَكَمَنَا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ)، وفي نسخةٍ: (فمَكَثَا)، و(كَمَـِن): بفتح الميم على الفصيح، ويقال: بكسرها، وقد قيل: بضع عشرة ليلةً، وأنَّه جاء ذلك في حديثٍ مرسل، قال ابن عبد البَرِّ: (وهذا غير صحيح عند أهل العلم بالحديث، قال: والأكثر ما قاله مجاهدٌ)؛ يعني: (مكثا فيه ثلاثًا)، انتهى.
قوله: (ثَقِفٌ لَقِنٌ): أما (ثَقِفٌ): فبالثاء المُثلَّثة، وكسر القاف وتُسكَّن، ثُمَّ فاء، و(لَقِنٌ): بفتح اللَّام، ثُمَّ قاف مكسورة وتُسكَّن، ثُمَّ نون، ومعنى (ثَقِفٌ): فَطِنٌ مدركٌ لحاجته بسرعةٍ، و(لَقِنٌ): حافظٌ.
قوله: (فيَدَّلِجُ): تَقَدَّم أنَّه بفتح المثنَّاة تحت، وفتح الدال المهملة المُشدَّدة، ويجوز (فيُدْلج): بضمِّ المثنَّاة، وإسكان الدال، وقد تَقَدَّم الكلام على (أدْلج)، و(ادَّلج) [خ¦39].
قوله: (بسَحَرٍ): (السَّحَر): قُبيل الفجر؛ كذا في «الصحاح»، وهو مصروفٌ، وقد تَقَدَّم ما قاله غيرُه [خ¦1963].
قوله: (يُكَادَان بِهِ): كذا في أصلنا، وفي الهامش من أصلنا: (يُكتادان)، وعليها (صح)، وكلاهما مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، والكيد هنا: المكر، واكتاد: افتعل، من الكيد، وهما يتكايدان، ولا تقل: يتَكاودان(7).
قوله: (عَامِرُ ابْنُ فُهَيْرَةَ): صحابيٌّ معروفٌ، قُتِل يوم بئر معونة، قتله عامرُ بن الطُّفيل، وعُمْرُ عامر ابن فُهيرة حين قُتِل أربعون سنةً، وهو قديمُ الإسلامِ، أسلم قبل أن يدخلَ رسولُ الله صلعم دارَ الأرقمِ بنِ أبي الأرقم، وبئرُ معونةَ: سيأتي أنَّها في صفر على رأس أربعة أشهرٍ من أُحُد عند ابنِ إسحاقَ [خ¦4078]، وقد تَقَدَّم ذلك [خ¦2263]، ويقال: قتله جَبَّار بن سُلمى، وسيأتي ذلك بأطولَ مِن هذا وأتمَّ [خ¦4093].
قوله: (مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ): (المنحة) بكسر الميم معروفةٌ، وقد تَقَدَّمت [خ¦2567].
قوله: (فَيُرِيحُهَا): هو بضمِّ الياء، والإراحة: ردُّ الماشية بالعشيِّ.
قوله: (فِي رِسْلٍ): هو بكسر الراء، وإسكان السين المهملة، وباللَّام، وهو اللَّبن، وكذا فسَّره في الحديث نفسه.
قوله: (وَرَضِيفِهِمَا): هو بفتح الراء، وكسر الضاد المعجمة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، وهو في أصلنا مجرورٌ، وفي جرِّه نظرٌ، وينبغي أن يكون بالرَّفع؛ لأنَّ الرضيفَ اللبنُ المرضوف، وهو الذي طُرِح فيه الحجارة لتُذهِبَ وَخامته، قال الدِّمياطيُّ: (هو اللَّبن يُغلى بالرَّضفة، والجمع: رُضْف، وهو الحجارة المحمَّاة، وشواءٌ مرضوفٌ: يُشْوَى على الرَّضْف)، انتهى، وقال ابن قُرقُول: (الرِّسل: اللَّبن، والرَّضيف والمرضوف: اللَّبن يُحقَن في السقاء حتَّى يصير حازرًا، ثُمَّ يُصبُّ في القدح، وقد سُخِّنتْ له الرضاف، فتَكسِر من بَردِه ووخامته، وقيل: الرَّضيف: المطبوخ منه على الرَّضف)، وقال في (الاختلاف): (وعند الخطابيِّ في روايةٍ: «وصريفها»؛ وهو اللبن ساعة يُحلَبُ، وفي روايةِ عُبْدُوس والنسفيِّ: «ورضيعهما»؛ بالعين والتثنية، وليس بشيء)، انتهى، و(الحازِر) في كلامه: بالحاء المهملة، وبعد الألف زاي مكسورة، ثُمَّ راء، وهو اللَّبن الحامض.
قوله: (حَتَّى يَنْعِقَ): النعيق؛ بالعين المهملة، وفتح النون: صوت الراعي بغنمه، وقد نَعَق الراعي بغنمه ينعِق _بالكسر_ نعيقًا، ونُعاقًا، ونَعاقًا(8)؛ أي: صاح بها وزجرها، وفي الأصل الذي سمعت منه على العراقيِّ: (ينعَـِق) بكسر العين وفتحها بالقلم، وينبغي أن يُمنَع الفتح فإنِّي لا أعرفه، والله أعلم.
قوله: (وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللهِ صلعم وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ): قال الدِّمياطيُّ: (هو عبد الله ابن أُرَيقط)، انتهى، وكذا قال غيرُه، وهذا معروفٌ، وقد سمَّاه ابنُ إسحاقَ: (عبدُ الله بن أَرْقَط)، وقال ابنُ هشامٍ: (ويُقَال: ابن أُرَيقط)، وعبدُ الله هذا صحابيٌّ أسلم بعد هذه القصَّة، وقال الإمامُ السُّهيليُّ في حديثِ أمِّ معبد: (والرابع: عبد الله بن أُرَيقط اللَّيْثيُّ، ولم يكن إذ ذاك مسلمًا، ولا وجدنا من طريقٍ صحيحٍ أنَّه أسلم بعد ذلك)، انتهى لفظُه، وقال شيخُنا فيما قرأتُه عليه: (واسمُ الدليل: عبدُ الله فيما ذكره ابنُ إسحاقَ، وقال مالكٌ في «العُتْبِيَّة»: اسمه رقيط)، انتهى، وقد تَقَدَّم كلُّ ذلك غيرَ كلام الدِّمياطيِّ، والله أعلم [خ¦2263].
قوله: (خِرِّيتًا، وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَة): (الخِرِّيْت): بكسر الخاء المعجمة، وكسر الراء المُشدَّدة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مثنَّاة فوق، وهو مثال: (حِمِّيْر) و(شِرِّيْب) و(فِسِّيْق) وهو كما قال في الحديث: الماهر بالهداية، وهو الدليل الحاذق، وجمعه: خرارِت، ولفظ «النِّهاية»: (الخِرِّيت: الماهر الذي يهتدي لأَخْرَات المفاوز، وهي طرقها الخفيَّة ومضايقها، وقيل: أراد يهتدي لمثل خُرت الإبرة من الطريق)، انتهى.
قوله: (قَدْ غَمَسَ حِلْفًا): وفي رواية: (يَمينَ حِلْفٍ) [خ¦2263]؛ أي: حالفهم، وكانت عادتُهم أن يُحضِروا طيبًا في جَفنة، أودمًا، أو رمادًا، فيدخلون فيه / أيديهم ليتمُّوا عقد تحالفِهم بذلك، وبه سمَّى بعضُهم حِلْفَ المطيَّبين، وبعضُهم لَعَقَةَ الدَّم، ووقع في كتاب عُبدوس: «عَمَسَ» بعين مهملة، وهو تصحيف، انتهى كلامُ ابن قُرقُول، و(الحِلْف)؛ بكسر الحاء، وإسكان اللَّام: العهدُ يكون بين القوم.
قوله: (فِي آلِ الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ): تَقَدَّم الكلام على (العاصي)، وأنَّ الصحيحَ فيه إثباتُ الياء، وأنَّه كافرٌ معروفٌ هلك على كفره بالشوكة، وأنَّه كان مِنَ المستهزئين، وأنَّه والد عمرو بن العاصي [خ¦2091] [خ¦3864]، رضي الله عن عَمرو.
قوله: (فَأَمِنَاهُ): هو بكسر الميم المُخَفَّفة.
قوله: (وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ ابْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ): تنبيهٌ: الأبعرة التي ركبوها كانت ثلاثة؛ بعيرٌ لعبد الله بن أُرَيقط، وبعيرٌ لرسول الله صلعم، وبعيرٌ لأبي بكرٍ، وردفه عامر ابن فُهيرة، هذا معنى «سيرة ابن إسحاق»، انتهى، والبعير: الذكر والأنثى، وبعير النَّبيِّ صلعم وكذا بعير الصِّدِّيق كانا ناقتين، وأمَّا بعير ابن أُرَيقط، فلا أعلم ذكرًا كان أو أنثى، وقول ابن إسحاق: (وبعيرٌ لأبي بكرٍ وردفه عامر ابن فُهيرة) كالصريح في أنَّ ناقة النَّبيِّ صلعم لنفسه خاصَّة، وليس كذلك، فإنَّ في هذا «الصحيح» _كما سيأتي في (بئر معونة)_ أنَّهما (يُعْقِبانه) [خ¦4093]؛ يعني: النَّبيَّ صلعم وأبا بكرٍ، وقد ذُكِر عامر ابن فُهيرة في أردافه ◙، ويحتمل قوله: (بعيرٌ لرسول الله)؛ يريد به: الملك لا الانفراد بالركوب، والله أعلم.
قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه محمَّدُ بن مسلم ابن شهابٍ الزُّهريُّ، هذا معطوفٌ على السند المذكور قبله، واحذر أن تجعلَه تعليقًا، وقد رواه البُخاريُّ عن يحيى ابن بُكَيْر، عنِ اللَّيْثِ، عن عُقَيل، عنِ ابنِ شهابٍ، عن عبدِ الرَّحْمَن بن مالكٍ المُدْلِجيِّ بالسند الذي ذكره في هذا.
قوله: (وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ مَالِكٍ الْمُدْلِجِيُّ؛ وَهُوَ ابْنُ أَخِي سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ): (عبد الرَّحْمَن) هذا: قال الذَّهبيُّ: (روى عن عمِّه سُراقة، وعنه: الزُّهريُّ، وثَّقه النَّسائيُّ)، انتهى، وقال في (مالكٍ) والد عبد الرَّحْمَن هذا: (روى عن أخيه، وعنه: ابنُه عبدُ الرَّحْمَن، ذكره ابنُ حِبَّان في ثقات التابعين)، انتهى، وما ذكره في ترجمة مالك بن مالكٍ يوافق ما هنا، وما ذكره في ترجمة عبد الرَّحْمَن لا يوافقه، ويحتمل أن يكون عبد الرَّحْمَن روى عن أبيه، وعن عمِّه سراقة، والله أعلم بالصواب، وقد قدَّمتُ ترجمةَ (سُراقة بن مالك بن جُعشم) واللُّغَتَين في (جُعشم) فيما مضى [خ¦1557] [خ¦3615].
قوله: (جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ): هؤلاء لا أعرف أسماءهم.
قوله: (دِيَةً كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا): (ديةً): في أصلنا منصوبةٌ مُنَوَّنٌ مفعولٌ، و(كلَّ واحدٍ) منصوب على نزع الخافض؛ أي: في كلِّ واحد، وفي نسخة أخرى صحيحة: (ديةَ) منصوب غير مُنَوَّن، و(كلِّ) مجرورٌ بالإضافة، والدية: مئةٌ مِنَ الإبل، وهذا معروفٌ، وقد صرَّح ابن إسحاق بذلك في «سيرته»، فقال: (وجعلتْ قريشٌ فيه _أي: في رسول الله صلعم_ حين فقدوه مئة ناقةٍ لمَن ردَّه عليهم)، وذكر قريبًا من ذلك أيضًا قال: (فلمَّا خرج رسولُ الله صلعم من مكَّة مهاجرًا إلى المدينة؛ جعلت فيه قريشٌ مئة ناقة لمن ردَّه عليهم).
قوله: (رَجُلٌ مِنْهُمْ): هذا الرجل لا أعرف اسمه.
قوله: (آنِفًا): تَقَدَّم أنَّ فيه مدَّ الهمزة وقصرها، وأنَّ معناه: الآن والساعة [خ¦7].
قوله: (أَسْوِدَةً) أي: أشخاصًا.
قوله: (أُرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ): (أُراها): بضمِّ الهمزة؛ أي: أظنُّها.
قوله: (فُلَانًا وَفُلَانًا): هذان لا أعرفُ اسميهما، وكذا (جَارِيَةُ سُرَاقَةَ) لا أعرف اسمها.
قوله: (تَخْرُجَ): هو بفتح التاء، وضمِّ الراء، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (أَكَمَةٍ): تَقَدَّم ما (الأكمة)؛ وهي الرَّابية، وقيل غير ذلك [خ¦1013].
قوله: (فَخَطَطْتُ): هو بالخاء المعجمة، قال ابن قُرقُول: (بالحاء المهملة للقابسيِّ، والحمُّوي، والأصيليِّ؛ أي: أملتُ أسفله وخفضت أعلاه؛ لئلَّا يظهر بريقه لمن بَعُد منه، فينذر به، وينكشف أمره، وللباقين بالخاء المعجمة؛ أي: خفض أعلاه، فأمسكه بيده، وجرَّ زُجَّه على الأرض، فخطَّها به غير قاصد لخطِّها، لكن لئلَّا يظهر الرمح إن هو أمسك زُجَّه ونصبه)، قاله ابن قُرقُول بمعناه.
قوله: (بِزُجِّهِ الأَرْضَ): زُجُّ الرمح؛ بضمِّ الزاي، وتشديد الجيم: الحديدةُ التي في أسفل الرمح، وجمعها: زِجَجَة وزِجاج، ولا تقل: أَزِجَّة، قاله الجوهريُّ.
قوله: (فَرَفَّعْتُهَا): هو بتشديد الفاء، كذا في أصلنا، يقال: رفَع الفرس في السَّير؛ إذا بالغ، ورفَعتُه _بالتخفيف_ يتعدَّى ولا يتعدَّى، وكذلك رفَّعته ترفيعًا، والله أعلم.
قوله: (تُقَرِّبُ بِي): هو بضمِّ التاء، وكسر الراء المُشدَّدة، وكذلك (تُقَرِّبُ بِي) الثانية، يقال: قرَّب الفرس يقرِّب تقريبًا؛ إذا عدا عدوًا دون الإسراع، وله تقريبان؛ أدنى وأعلى.
قوله: (إِلَى كِنَانَتِي): الكِنانة؛ بالنون بعد الكاف، ونون أخرى بعد الألف: جَعبة السهام؛ لأنَّها تكنُّ السهام؛ أي: تستُرها.
قوله: (فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الأَزْلَامَ): تَقَدَّم الكلام على (الأزلام) وواحدِها [خ¦1601].
قوله: (فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا): الاستقسام بالأزلام: هو الضرب بها؛ لإخراج ما قسم الله لهم من أمرٍ، وتمييزه بزعمهم.
قوله: (سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي): هو بالسين، وبعد الألف خاءٌ معجمةٌ، ثُمَّ تاء التأنيث الساكنة، يقال: ساخت تسوخ وتسيخ: دخلت فيها وغابت؛ مثل: ثاخت.
قوله: (غُبَارٌ): كذا في أصلنا، وفي الهامش: (صوابه: عُثان) انتهى، والعُثَان: بضمِّ العين المهملة، ثُمَّ مثلَّثةٌ مُخَفَّفةٌ، وبعد الألف نون، وكذا ذكره ابن الأثير: (عثان)، ولفظه: (ولها عُثَان؛ أي: دخان، وجمعه: عواثن، على غير قياسٍ) انتهى، وفي «الصحاح»: (العُثان: الدخان، وكذلك: العَثَنُ، وجمعهما: عواثِنُ ودواخِنُ، ولا يُعرف لهما نظيرٌ) انتهى، ولم أر ذلك في كلام «المطالع»، والله أعلم، وكما صُوِّب ذكره ابن سيِّد الناس في «سيرته»، وقال في (الفوائد): (العُثان؛ بضمِّ العين المهملة، والثاء المُثلَّثة: شبه الدخان، وهو مفسَّر في الحديث بذلك، وجمعه: عواثِن) انتهى. /
قوله: (مِثْلَ الدُّخَانِ): (الدخَان): بتخفيف الخاء، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
قوله: (أَنْ سَيَظْهَرُ): (أَنْ): بفتح الهمزة، وسكون النون، و(سيظهرُ): بالرَّفع، وهذا معروفٌ، وهي مُخَفَّفة من الثقيلة، والله أعلم.
قوله: (قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ): تَقَدَّم أنَّها مئةٌ من الإبل.
قوله: (أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ): (الأخبار): بفتح الهمزة، جمع (خبرٍ).
تنبيه: لمَّا مرُّوا بأمِّ معبد بقديدٍ، وراحوا من عندها؛ تعرَّض لهم سراقة بن مالك؛ فاعلمه، ولكن حديث أمِّ معبد ليس على شرط الصحيح، فلهذا لم يذكره البُخاريُّ، والله أعلم.
قوله: (فلم يَرْزأَانِي): هو بفتح المثنَّاة تحت، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ زاي، ثُمَّ همزة مفتوحة؛ أي: لم يأخذا منِّي شيئًا، يقالُ: رزأْتُه أرزأُه، وأصله: النقصُ.
قوله: (أَخْفِ عَنَّا): (أَخْفِ): بفتح الهمزة، وكسر الفاء، أمرٌ من الرُباعيِّ، وهذا ظاهرٌ.
قوله: (فَأَمَرَ عَامِرَ ابْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدَمٍ): تَقَدَّم الكلام على كُتَّابِه صلعم، وقد ذكرتُ منهم عامرَ ابن فُهيرة في (كتاب الشروط) [خ¦2731].
تنبيهٌ: في «سيرة ابن إسحاق» أنَّ أبا بكرٍ هو الذي كتب له بأمره ◙ في عظم، أو رقعة، أو في خزفة، كذا بالشكِّ، ولعلَّه لمَّا كتب عامر ابن فهيرة؛ أراد سراقة أن يكتب عنه صلعم أبو بكرٍ الصِّدِّيق، وذلك لأنَّ أبا بكرٍ كبيرٌ من كبار قريش معروف مشهور، وذاك مولاه، فأراد أن يكون الكتاب بخطِّ هذا الرجل الكبير المشهور، والله أعلم.
قوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم...) إلى آخره: تَقَدَّم أنَّ (ابن شهاب): هو الزُّهريُّ، وقول عروة: (أنَّ رسول الله...) مرسلٌ؛ لأنَّ عروةَ تابعيٌّ ذَكَرَ قصَّةً لم يُدرِكْها، ولو أدركها؛ كان يكون صحابيًّا، والله أعلم.
قوله: (لَقِيَ الزُّبَيْرَ فِي رَكْبٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ...) إلى أن قال: (فَكَسَا [الزُّبَيْرُ] رَسُولَ اللهِ صلعم وَأَبَا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاض): قال ابن سيِّد الناس في «سيرته»: (كذا وقع في هذا الخبر أنَّ الذي كسا رسولَ الله صلعم وأبا بكرٍ الزُّبَيرُ، وذكر موسى بنُ عقبة: أنَّه طلحةُ بنُ عُبَيد الله في خبرٍ ذكره)، ورأيت ذَكَرَ ذلك شيخُنا، فقال في «شرحه»: (قال الدِّمياطيُّ: لم يذكره الزُّبَير بن بكَّار ولا أهل السِّيَر، وإنَّما هو طلحة بن عبيد الله، قال ابن سعد: لمَّا ارتحل رسول الله صلعم مِنَ الخَرَّار في هجرته إلى المدينة؛ لقيه طلحة بن عبيد الله من الغد جاء من الشام، فكسا رسولَ الله صلعم وأبا بكر من ثياب الشام، وأخبرَ رسولَ الله صلعم أنَّ مَنْ بالمدينة مِنَ المسلمين استبْطَؤُوا رسولَ الله صلعم، فعجَّل رسولُ الله صلعم)، انتهى.
قوله: (إِلَى الحَرَّةِ): تَقَدَّم ما (الحرَّة) [خ¦233].
قوله: (حَرُّ الظَّهِيرَةِ): هو مرفوعٌ فاعل (يَرُدُّ)، و(الظهيرة): الهاجرة، وهي نصف النهار عند اشتداد الحرِّ.
قوله: (أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ): تَقَدَّم أنَّ (أوى) إذا كان لازمًا كهذا؛ كان الأفصح فيه القصر، وإن كان متعدِّيًا؛ كان الأفصح فيه المدَّ، غيرَ مرَّةٍ [خ¦474].
قوله: (أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ): أي: علا، واليهوديُّ لا أعرفه.
قوله: (عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ): (الأُطُـْم)؛ بضمِّ الهمزة، والطاء المهملة مضمومة وساكنة: بناء مرتفع، وجمعه: آطام، وهي حصونٌ لأهل المدينة.
قوله: (فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللهِ صلعم): هو بضمِّ الصاد المهملة؛ أي: علم.
قوله: (مُبَيِّضِينَ): هو بتشديد الياء المكسورة؛ أي: لابسين ثيابًا بياضًا، يقال: هم المبيِّضة والمسوِّدة؛ بالكسر، وقد ضبطه بتشديد الياء وكسرها ابن الأثير في «نهايته»، وابن قُرقُول والقاضي عياض واللَّفظ لابن قُرقُول قال: (وقد رُوِي: «مُبَيَّضًا» _يعني: بفتح الياء المُشدَّدة_ قال: وهو أوجه؛ لأنَّه قَصَد إلى صفته)، انتهى.
قوله: (يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ): (يزول)؛ أي: يتحرَّك، وكلُّ متحرِّكٍ زائلٌ، و(السراب): ما يظهر نصف النهار في الفيافي كأنَّه ماء.
قوله: (هَذَا جَدُّكُمُ): هو بفتح الجيم، وتشديد الدال المهملة، يحتمل أن يريد سعدَكم ودولتكم، وقال المحبُّ الطبريُّ: (هذا حظُّكم وغناكم، من الجَدِّ: الحظِّ).
قوله: (حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ): اعلم أنَّه ◙ نزل في بني عَمرو بن عوف على كلثوم ابن الهِدْم، وكان يجلس للناس في بيت سعد بن خيثمة، وقال بعضُهم: (نزل على كلثوم بن الهِدْم، وقيل: سعد بن خيثمة)، قال ابنُ القَيِّم: (والأوَّل أثبتُ)؛ يعني: نزوله على كلثوم، انتهى.
وهو كلثوم بن الهِدْم بن امرئ القيس بن الحارث بن زيد [بن عُبَيد بن زيد] بن مالك بن عوف ابن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس، وكان شيخًا كبيرًا، أسلم قبل وصوله صلعم إلى المدينة، وتُوُفِّيَ قبل بدر بيسيرٍ، ثُمَّ أسعد بن زرارة، وقد رأيتُ في حاشيةٍ بخطِّ شيخنا المؤلِّف ما معناه: أنَّ كلثومًا كان مشركًا يومئذٍ؛ يعني: يوم نزوله عليه، قاله النيسابوريُّ في «شرف المصطفى»، انتهى، ورأيتُ عن ابن زَبَالة روايةً: أنَّه يومئذٍ كان مشركًا، ولكنَّ ابنَ زَبَالة هو محمَّدُ بنُ الحسن ابن زَبَالة كذَّابٌ، أخرج له أبو داود فقط؛ فاعلمه.
وسعد بن خيثمة مشهور الترجمة، وهو سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك الأوسيُّ، أبو خيثمة، وقيل: أبو عبد الله، نقيبُ بني عمرو بن عوف، شهد بدرًا، واستُشهِد بها، ولم يُعقِّب. /
قوله: (وَذَلِكَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ): كان يوم الاثنين ثاني عشر الشهر، زاد بعضهم: (قدمها يوم الاثنين سابع ربيع الأوَّل)، وقد قدَّمتُ في هذه المسألة خمسة أقوال: غرَّة ربيع، لليلتين خلتا منه، وقيل: سابعه، وقيل: ثامنه، وقيل: ثاني عشره، وقدَّمتُ في هذا التعليق في أوائله أنَّه قيل: إنَّه قدم يوم الجمعة، وقد قدَّمتُ ما في ذلك [خ¦428]، وقَدِمها حين اشتدَّ الضَّحاءُ وهو قريب من الزوال، وهذا هو المعروف أنَّه قَدِمها نهارًا، وفي أواخر «مسلم» و«كتاب البرقيِّ»: أنَّه قدمها ليلًا، وكذا نقله غيره كابن الجوزيِّ في «تلقيحه» وغيره، وقد رأيت عن الدِّمياطيِّ حاشيةً على «مسلم»، ولفظها: (المحفوظُ عند أهل السِّيَر: أنَّهم قدموا نهارًا عند الظهيرة)، انتهى.
قوله: (فَطَفِقَ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الفاء، وأنَّه يجوز فتحها، وأنَّ معناه: جعل [خ¦198].
قوله: (يُحَيِّي أَبَا بَكْرٍ): هو من التحيَّة؛ وهي السلام.
قوله: (فَلَبِثَ رَسُولُ اللهِ صلعم فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً): تَقَدَّم أنَّه لبث فيهم أربع عشرة ليلة [خ¦428]، وكذا في «مسلم»، وفي بعض نسخ «البُخاريِّ»: (أربعًا وعشرين ليلة)، قال ابن إسحاق: (وأقام رسولُ الله صلعم في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، ويوم الخميس، وأسَّس مسجدهم، ثُمَّ أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة، وبنو عمرو بن عوف يزعمون أنَّه مكث فيهم أكثر من ذلك)، قال ابن سيِّد الناس في «سيرته»: (والمشهور عند أهل المغازي ما ذكره ابن إسحاق)، انتهى، وقد قدَّمتُ كلامًا لشيخنا العراقيِّ تعقُّبًا لإقامته أربع عشرة ليلة؛ فانظره في أوائل هذا [خ¦428]، وفي صحَّة (أربع وعشرين) نظر، والله أعلم.
قوله: (وَأُسِّسَ الْمَسْجِدُ): (أُسِّس): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و(المسجدُ): مرفوع، وفي نسخةٍ: (وأَسَّس): مبني للفاعل، و(المسجدَ): منصوبٌ، وهذان ظاهران.
قوله: (وَكَانَ مِرْبَدًا لِلتَّمْرِ، لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ): (المِرْبَد)؛ بكسر الميم، وإسكان الراء، وفتح الموحَّدة، وبالدال المهملة: الموضع الذي يوضع فيه التمر إذا جُذَّ لييبس؛ كالجَرِين، وأصله من الإقامة واللُّزوم، ربد بالمكان: أقام به.
قوله: (لِسُهَيْلٍ وَسَهْلٍ): اعلم أنَّ في نسبهما اختلافًا؛ فقيل: هما ابنا رافع بن عمرو بن أبي عمرو، من بني النَّجَّار، وقال الذَّهبيُّ: (سَهْل بن رافع بن أبي عَمرو بن عائذ(9)، شهد أُحُدًا، وتُوُفِّيَ في خلافة عُمَرَ، روت عنه بنته عُمَيرةُ، ولها صحبةٌ، كذا أخرجه ابنُ منده، وأمَّا أبو عُمَرَ؛ فنسبه إلى بني النَّجَّار، وقال: له أخٌ يُسمَّى سُهَيلًا، وهما اليتيمان...، شهد سهيلٌ بدرًا، وخبط أبو نُعَيمٍ فيه)، انتهى، وذَكَر سُهيلًا، وقال ما لفظه: (سُهيل بن رافع بن أبي عمرو بن عائذ بن ثعلبة بن غَنْم بن مالك بن النَّجَّار الأنصاريُّ النَّجَّاريُّ، بدريٌّ، أخو سهلٍ، تُوُفِّيَ زمن عُمَرَ ☺).
قوله: (في حَجْرِ سَعْدِ(10) بْنِ زُرَارَةَ): وفي نسخةٍ: (أسعد بن زرارة)، أمَّا (حَجْر): فهو بفتح الحاء وتُكسَر، وقد تَقَدَّم، وأمَّا (سعد بن زرارة) فقال ابنُ قُرقُول: («سعد بن زُرَارة»: كذا لهم، والصوابُ: «أسعد»، وإنَّما سعدٌ أخوه، وقد جاء ذِكره في «جامع» «الموطَّأ»: أنَّ سعدَ بنَ زُرَارة اكتوى، كذا عند أكثر شيوخِنا، وكان عند الباجي وأبي عُمَرَ: «أسعد»، وكذا لابن بُكَيْر، وهو الصواب)، انتهى.
وأسعد بن زُرَارة بن عُدَس، صحابيٌّ معروفٌ، وهو أحدُ النقباءِ كما قدَّمتُه، أخرج له أحمدُ في «المسند».
وأمَّا سعدٌ أخوه _بغير همزة في أوَّله_؛ فقال عياضٌ ☼: (وأخوه سعد جدُّ يحيى وعَمْرة أدرك الإسلامَ، ولم يذكره كثيرون في الصَّحابة، لأنَّه ذُكِر في المنافقين) انتهى، وقد ذكره ابنُ الجوزيِّ في «تلقيحه» في المنافقين، وقد عدَّه غيرُ ابنِ الجوزيِّ صحابيًّا، والله أعلم ما كان، وقد ذكره أبو عُمَرَ في «الاستيعاب»، فقال ما لفظُه: (سعد بن زرارة جدُّ عَمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن، قيل: إنَّه أخو أسعد بن زرارة أبي أمامةَ، فإن كان كذلك؛ فهو سعد بن زرارة بن عُدَس بن عُبيد بن ثعلبة بن غَنْم بن مالك بن النجَّار، وفيه نظرٌ، وأخشى ألَّا يكون أدرك الإسلام؛ لأنَّ أكثرهم لم يذكره) انتهى، وفي حاشيةٍ تجاه هذا الكلام في «الاستيعاب» بخطِّ أبي إسحاق بن الأمين لفظها: (أدرك الإسلام، وامتنع أكثرُهم مِن ذِكْره؛ لِمَا ذكر الواقديُّ أنَّ زيدَ بنَ ثابت ذكر قومًا مِنَ المنافقين في غزوة تبوك فقال: وفي بني النجَّار مَن لا بارك الله فيه، فقيل: من يا أبا سعيد؟ فقال: سعد بن زُرارة، وقيس بن قهد) انتهت، وقد تَقَدَّم ذلك [خ¦2567].
فائدةٌ هي تنبيهٌ: في «سيرة أبي الفتح اليعمريِّ»: أنَّهما كانا في حَجْر معاذ ابن عفراء، وهنا ما قد رأيت: أنَّهما كانا في حَجْر أسعد بن زُرَارة، والجمعُ بينهما أنَّهما كانا في حَجْرهما، وأسعدُ ومعاذٌ ابنا عمٍّ، يجتمعان في غَنْم بن مالكِ بن النَّجَّار؛ فانظر نسبهما إن أردتَه، ورأيتُ في «تاريخ مدينة النَّبيِّ صلعم» للإمام زين الدين بن حسين المراغيِّ الشافعيِّ _وهذا الشخص رأيتُه بالقاهرة مرارًا لا أحصيها، واجتمعت به في بيته بالسوق بالمدينة المشرَّفة_: (أنَّه كان _يعني: المربد_ ليتيمين لأبي أيُّوب) انتهى، فإن صحَّ هذان؛ فلعلَّ الثلاثة كانوا يتكلَّمون في اليتيمين، فتارةً عُزِيَ الكلام فيهما لهذا، وتارةً لهذا، وتارةً لهذا _وأبو أيُّوب: تَقَدَّم مَرَّاتٍ أنَّه خالد بن زيد الأنصاريُّ ☺_ وإلَّا؛ فالقولُ قولُ «الصحيح».
قوله: (فَقَالَا: بَلْ نَهَبُهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ): تَقَدَّم الكلام على ذلك، وأنَّه ◙ [أبى]، كما جاء في بعض نسخ «البُخاريِّ»: (فَأبَى رَسُولُ اللهِ صلعم أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُمَا هبةً)، وهذه الزيادة مخرَّجةٌ على هامش أصلنا، وعليها علامة راويها و(صح) في آخرها، وهي معروفةٌ عن أبي ذرٍّ، عن أبي الهيثم(11) الكُشْمِيهَنِيِّ، عن الفِرَبْرِيِّ، وقد تَقَدَّمت، وتَقَدَّم أنَّه ◙ أخذه بعشرة دنانير، وأمر أبا بكر أن يعطيهما من ماله، وقد قدَّمتُ عزو ذلك لمن قاله [خ¦428].
قوله: (وَطَفَـِقَ): تَقَدَّم أنَّه بكسر الفاء وتفتح، وأنَّ معناها: جعل [خ¦198].
قوله: (اللَّبِنَ): تَقَدَّم أنَّه بفتح اللَّام، وكسر الموحَّدة، وأنَّه يجوز (اللِّبْن)؛ بكسر اللَّام، وإسكان الموحَّدة [خ¦4/11-253]، وهو معروفٌ.
قوله: (هَذَا الْحِمَالُ لَا حِمَالَ خَيْبَرْ): (الحِمال)؛ بكسر الحاء المهملة، قال ابن قُرقُول: (أي: هذا الحِمل والمحمول من اللَّبِن أبرُّ عند الله وأطهر؛ أي: أبقى ذخرًا وأدوم منفعة، لا حمال خيبر من التمر والزبيب والطعام المحمول منها الذي يغتبط به حاملوه، والذي كنَّا من قبلُ نحملُه ونغتبط به، والحِمَال والحَمْل واحدٌ، وقد رواه المستملي: «هذا الجَمال لا جَمال خيبر»؛ بالجيم، وله وجهٌ، والأوَّل أظهر)، انتهى، وقال ابن الأثير: (الحِمال: بالكسر، مِنَ الحَمْل، والذي يُحمَل من خيبر التمرُ؛ أي: هذا في الآخرة أفضل من ذاك وأحمد عاقبةً، كأنَّه جمعُ: «حِمل» أو «حَمل»، ويجوز أن يكون مصدر «حَمَل» أو «حَامَل»)، انتهى.
وقوله: (لَا حِمَالَ خَيْبَرْ): هو بفتح اللَّام في أصلنا، وفيه نظرٌ، وإنَّما المعروف في العربيَّة: (لا حمالُ) بضمِّ اللَّام، وقد رأيتُ عن بعض العلماء النُّحاة من أصحابنا المُتَأخِّرين أنَّه قال: (ونصبُ اللَّام لم أجد له معنًى موافقًا) انتهى، والله أعلم. /
قوله: (رَبَّنَا): هو منصوبٌ منادًى مضافٌ؛ أي: يا ربَّنا.
قوله: (وَأَطْهَرْ): هو بالطاء المهملة، وهذا ظاهرٌ جدًّا، قال ابن قرقول في (الطاء المهملة مع الهاء): (كذا لأكثر الرواة؛ أي: أزكى عملًا، وعند بعضهم: «وأظهر»)؛ بالظاء؛ يعني: المعجمة، قال ابن قرقول: (والأوَّل أوجه)، انتهى.
قوله:
(«اللَّهُمَّ إِنَّ الْأَجْرَ أَجْرُ الْآخِرَةْ فَارْحَمِ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَةْ»
فَتَمَثَّلَ بِشِعْرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُسَمَّ لِي): إنَّما يكون هذا شعرًا إذا حَذَف (أل) من (اللهمَّ)، فيبقى (لَاهُمَّ)، ويَكسِر همزة: (فإِرحم)، وإذا فُعل ذلك؛ صار رجزًا، وفي كونه شعرًا خلافٌ قدَّمتُه [خ¦3042]، والصحيح أنَّ الرجز شعرٌ، والله أعلم، وسيأتي بُعيده شيء آخر يتعلَّق بهذا.
قوله: (لَمْ يُسَمَّ لِي): قائلُ ذلك فيما يظهر ابنُ شهابٍ محمَّدُ بن مسلم القائل بعده: (وَلَمْ يَبْلُغْنَا...) إلى آخره؛ هو من تتمَّة كلامه.
تنبيهٌ: قال شيخُنا عن الداوديِّ في قوله: (اللهمَّ لا عيش إلَّا عيش الآخرة...)؛ البيت: (إنَّما قاله ابنُ رواحة: «لاهمَّ»؛ بلا ألف ولا لام، فأتى به بعضُ الرواة على المعنى)، انتهى، فاستفدنا من ذلك صاحبَ البيت، وأنَّه مِن تغيير الرواة، ونقل شيخُنا أيضًا عنِ ابنِ بَطَّالٍ أيضًا أنَّه مِن شعر ابنِ رواحة، والله أعلم.
[1] كذا في (أ)، وفي «المشارق»: (تنقصف)، وفي «المطالع»: (ينقصف)؛ كلاهما بالنون.
[2] في (أ) مضبوطًا: (فينقذف)، والمثبت من مصدره وموافق لما في «المشارق».
[3] في (أ): (حديث النواس بن سمعان)، وكذا في مخطوط مصدره كما أشار محققه، والمثبت هو الصواب؛ فحديث النواس في «صحيح مسلم» ░2937▒ ليس فيه ذكر الطيالسة.
[4] كذا في (أ) و(ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ عن الحمُّوي والمستملي، وفي «اليونينيَّة»: (فداء).
[5] كذا في (أ) و(ق)، وفي «اليونينيَّة»: (فأُذِن).
[6] في (أ): (لي)، والمثبت موافقٌ لِما في «اليونينيَّة» و(ق).
[7] في (أ): (يتكادان)، والمثبت من «القاموس» و«لسان العرب» و«تاج العروس» مادَّة (كيد).
[8] كذا مضبوطًا في (أ)، وذكر عوضًا عنها في «الصحاح» و«القاموس» وغيرهما مادة (نعق): (نَعقانًا).
[9] في (أ): (عبيد)، والمثبت من مصدره، وجاء في «الروض الأنف» ░2/247▒: (عبيد).
[10] كذا في (أ)، وهي رواية أبي ذرٍّ، ورواية «اليونينيَّة» و(ق) بعد الإصلاح: (أسعد).
[11] زيد في (أ): (عن)، وليس بصحيح.