التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: كيف آخى النبي بين أصحابه

          قوله: (بابٌ: كَيْفَ آخَى النَّبِيُّ صلعم بَيْنَ أَصْحَابِهِ): اعلم أنَّه إنَّما آخى صلعم بين أصحابه حين نزلوا المدينة؛ ليُذهِبَ عنهم وحشة الغُربة، ويؤنسهم من مفارقة الأهل والعشيرة، ويشدَّ أزر بعضهم بعضًا، فلمَّا أعز الله الإسلام، واجتمع الشمل، وذهبت الوحشة؛ أنزل الله: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ}[الأنفال:75] يعني: في المواريث، ثُمَّ جعلَ المؤمنين كلَّهم إخوةً، فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات:10]؛ يعني: في التوادد وشمول الدعوة، قاله السهيليُّ.
          واعلم أنِّي قدَّمتُ أنَّ المؤاخاة التي ذكرت بمكَّة بين المهاجرين بعضهم في بعض أنكرها الحافظ أبو العبَّاس ابن تيمية في «الردِّ على ابن المطهَّر الرافضيِّ»، وقد ذكرتُ هذه المؤاخاة التي وقعت بالمدينة، وأنَّهم كانوا تسعين؛ خمسةً وأربعين من كلِّ صنفٍ، وقيل: كانوا مئة؛ خمسين من كلِّ صنفٍ، وذكرتهم أخوين أخوين فيما مضى؛ فراجعه [خ¦63/3-5660].
          وآخى بينهم بالمدينة على المواساة والحقِّ في دار أنس بن مالك، وذلك بعد بنائه المسجد، وقيل: كان ذلك والمسجد يُبنَى، وقال ابن عبد البَرِّ: (بعد قدومه ◙ بخمسة أشهر)، والله أعلم.
          [قوله]: (وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ): تَقَدَّم غيرَ مرَّةٍ أنَّه بضمِّ الجيم، وفتح الحاء المهملة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ فاء، ثُمَّ تاء التأنيث، وأنَّه وَهْبُ بنُ عبد الله السُّوائيُّ، وحديثُ أبي جُحَيْفَةَ أخرجه البُخاريُّ في (الصوم) [خ¦1968] و(الأدب) [خ¦6139]، وأخرجه التِّرمذيُّ.
          قوله: (بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ): (سلمان): مشهورٌ معروفٌ، وسأذكره(1) قريبًا [خ¦63/53-5867]، وكذا (أبو الدرداء)، واسمه عُوَيمر _وقيل: عامر_ ابن زيد بن قيس بن عائشة بن أميَّة بن مالك [بن عامر] ابن عَدِيِّ بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصاريُّ، وقد قدَّمتُ بعضَ ترجمتِه ☺ [خ¦4/16-266].


[1] في (أ): (وسأذكر).