التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب مناقب معاذ بن جبل

          قوله: (بابُ مَنَاقِبِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ): هو أبو عبد الرحمن معاذ بن جَبَل بن عمرو بن أَوْس بن عايذ _بالمثنَّاة تحت والذال المعجمة_ ابن عديِّ بن كعب بن عمرو بن أُدَيِّ بن سعد بن عليِّ بن أَسَد ابن سارِدة بن تَزِيد _بالمثنَّاة فوق وكسر الزاي_ ابن جُشَم بن الخزرج، الخزرجيُّ الجُشَميُّ المدنيُّ الفقيه العالم.
          مناقبه كثيرة؛ منها _وهي أجلُّها_ ما رواه معاذٌ نفسُه ☺: لمَّا بعثه رسولُ الله صلعم إلى اليمن؛ خرج معه رسول الله صلعم يوصيه، معاذ راكبٌ، ورسولُ الله صلعم تحت راحلته، فلمَّا فرغ قال: «يا معاذ؛ عسى ألَّا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلَّك تمرُّ بمسجدي وقبري»، فبكى معاذ جَشَعًا لفراق رسول الله صلعم، أخرجه أبو حاتم، و(جشعًا)؛ بالجيم، والشين المعجمة؛ أي: جزعًا للفراق، قاله المحبُّ الطبريُّ في «أحكامه»، وبوَّب على هذا الحديث: (ذكر استحباب توديع المودِّع والمودَّع راكبٌ) انتهى، وقد رأيت هذا الحديث في «مسند أحمد» من حديث معاذٍ أيضًا، وفي آخره بعد (وسلَّم): (فأقبل بوجهه نحو المدينة، فقال: إنَّ أولى الناس بي المتَّقون، مَن كانوا، وحيث كانوا)، ورأيت فيه أيضًا من حديثه نحوه، وزاد في آخره: «لا تبكِ يا معاذ، أوْ: إنَّ البكاء من الشيطان».
          توفِّي معاذٌ سنة ثماني عشرة في طاعون عَمَواس بالشام، وقيل: سبع عشرة، والصحيح الأوَّل، وسِنُّه ثلاث وثلاثون سنة، وقيل: أربع وثلاثون، وقيل: ثمان وثلاثون، وقد تَقَدَّم الكلام على ضبط (عَمَـْواس)، وأنَّها بفتح الميم وإسكانها [خ¦62/21-5612]، وقبر معاذ مشاريق غَوْرِ بَيْسَان، وهو بقرب القُصَير جدًّا، وقد زُرتُه سنة ثمانين وسبع مئة ☺.