التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل

          قوله: (بابُ حَدِيث زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ): هو زيد بن عَمرو بن نُفَيل بن عبد العُزَّى بن رِياح _بكسر الراء وبالمثنَّاة تحت_ ابن عبد الله بن قُرط بن رَزاح _بفتح الراء_ ابن عَدِيِّ بن كعب بن لُؤَيِّ ابن غالب القُرَشيُّ العَدَوَيُّ، وزيدٌ: هو ابن عمِّ عُمَرَ بنِ الخَطَّاب بن نُفَيل، كان زيدٌ هذا يتعبَّد في الفترة قبل النُّبوَّة على دِين إبراهيمَ صلعم، ويتطلَّبُ دِينَ إبراهيمَ، ويوحِّد اللهَ ╡، ويَعيبُ على قريش ذبائحَهم على الأنصاب، ولا يأكلُ ممَّا ذُبِح على النُّصُب، وكان إذا دخل الكعبة قال: لبَّيك حقًّا، تعبُّدًا ورِقًّا، عُذت بما عاذ به إبراهيمُ، وفي «النَّسائيِّ الكبير» من حديث زيدِ بنِ حارثةَ وأسماءَ بنتِ أبي بكرٍ بإسنادَين جيِّدين _وفي غيره كما سيأتي [خ¦3826]_ أنَّه ◙ قال: «إنَّه يُبعَث أُمَّةً وحدَه»، وقد قال ◙ ذلك فيما يُروى في غيره، فقاله في قِسِّ بن ساعدة على ما يُروى، وفي خَطَر بن مالك على ما رواه أبو جعفر العُقيليُّ، ورأيتُ عن أبي إسحاقَ إبراهيمَ بنِ يحيى ابن الأمين الطُّلَيطليِّ(1) في كتابه «الاستدراك على أبي عمر» من حديث أيُّوب بن نَهِيك عن عطاء قال: سمعتُ ابنَ عُمَرَ يقول: سمعتُ رسولَ الله صلعم يقول: «مَن يذهب بكتابي إلى طاغية الروم؟»... إلى أن قال: فقال رجلٌ من الأنصار: أنا أذهب به... إلى أن قال: فجمع الرُّوم، ثُمَّ عرض عليهم، فكرهوا ما جاء به، فآمَن به رجلٌ منهم، فقُتِل عند إيمانه، ثُمَّ إنَّ الرجلَ رَجَعَ إلى النَّبيِّ صلعم، فأخبره بالذي كان منه وما كان مِن قَتْلِ الرجل، فقال النَّبيُّ صلعم: «ذلك الرجل يُبعَث أمَّةً وحدَه» لذلك المقتول، انتهى ما رأيتُه بخطِّ بعض الفُضَلاء، وقد ذكر الذَّهبيُّ في «تجريده» شخصًا اسمه ضغاطر الأسقُفُّ الروميُّ، فقال: (أسلم على يدَي دِحية الكلبيِّ وقت الرسليَّة، فقتلوه)، فالظَّاهر أنَّه هذا، والله أعلم.
          مناقبه _أعني: زيدًا_ وأخبارُه معروفة، وقد عدَّه بعضُهم صحابيًّا، وقد قدَّمتُ الكلامَ عليه في حَدِّ الصَّحابيِّ في (باب فضائل أصحاب النَّبيِّ صلعم)؛ فانظره [خ¦62/1-5503].
          قال ابنُ إسحاقَ: (كان زيدٌ قد أجْمَعَ الخروجَ من مكَّة ليضرب في الأرض يطلب الحنفيَّة دِينَ إبراهيمَ ◙، فكانت امرأتُه صفيَّةُ بنتُ الحَضْرميِّ _ولا أعلم أحدًا ذكرها بإسلام_ كلَّما رأتْهُ تهيَّأَ للخروج وأرادَه؛ آذَنَت به الخطَّابَ بنَ نُفَيل، وكان الخطَّاب وكَّلها به...)، وساق قصَّته إلى أن قال: (فجال في الشَّام حتَّى إذا انتهى إلى راهبٍ بميفعة من أرض البلقاء...)، إلى أن قال: (فخرج سريعًا حين قال له ذلك الراهبُ ما قال يريدُ مكَّةَ، حتَّى إذا توسَّط بلاد لخم؛ عَدَوا عليه، فقتلوه)، انتهى.
          وتُوُفِّيَ سنة أربعٍ وثلاثين من الفيل، قاله مغلطاي في «سيرته الصُّغرى» عن العُتَقيِّ، انتهى، وفي كلام غيره: قبل المبعث بخمس سنين، وقال شيخُنا: (قال سعيد بن المُسَيِّـَب: تُوُفِّيَ وقريش تَبني الكعبةَ قبل نزول الوحي بخمس سنين، وعن زكريَّاء السعديِّ: أنَّه لمَّا مات؛ دُفِن بأصل حِراء)، ثُمَّ ذكر كلامَ ابنِ إسحاق الذي ذكرتُه، ثُمَّ قال: (وعند الزُّبَير: قال هشامٌ: بَلَغَنَا أنَّ زيدًا كان بالشام، فلمَّا بَلَغَه خروجُ النَّبيِّ صلعم؛ أقبل يريده، فقتله أهلُ ميفعة)، ثُمَّ قال شيخُنا: (وهو مذكورٌ في كتب الصَّحابة، وإيرادُ البُخاريِّ يميل إليه)، انتهى.


[1] في (أ): (الطيطلي)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.