التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب انشقاق القمر

          قوله: (بابُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ): تَقَدَّم في (إسلام عمر) ما قاله ابنُ سيِّد الناس من التأريخ [خ¦63/35-5772].
          ثُمَّ اعلم أنَّ القمر انشقَّ مرَّة واحدة، وقد وقع في «مسلم» وغيره: أنَّه انشقَّ مرَّتين، وقد تَقَدَّم الكلامُ عليها وكلامُ ابن قيِّم الجوزيَّة الحافظ شمس الدين قبيل (مناقب الصَّحابة) [خ¦3636]، وقد رأيت في «السيرة» التي نظمها شيخنا الحافظ العراقيُّ _وقد نظمها بعد خروجنا من القاهرة فيما يغلبُ على ظنِّي_ أنَّه انشقَّ مرَّتين، وأنَّ ذلك مجمعٌ عليه متواترٌ، ولفظه في ذلك [من الرجز]:
وَذَاكَ مَرَّتَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ                     وَالنَّصِّ وَالتَّواترِ السَّمَاعِي
          وقد كتبت إليه من حلب في ذلك، وكتبت له كلام ابن قيِّم الجوزيَّة، فما رجع جوابُه عن ذلك، والله أعلم.
          تنبيه: ما يقال: إنَّه دخل القمر في كمِّ النَّبيِّ صلعم، وخرج من الكمِّ الآخر؛ فباطل لا أصل له، كذا قال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ في «فتاويه»، وصورة السؤال عنه: رجلان تنازعا في انشقاق القمر على عهد رسول الله صلعم، فقال أحدهما: انشقَّ فرقتين؛ دخلت إحداهما في كمِّه، وخرجت من الكمِّ الآخر، وقال الآخر: بل نزل إلى بين يديه فرقتان ولم يدخل في كمِّه؟ قال: (الجوابُ: الاثنان مخطئان، بل الصواب: أنَّه انشقَّ وهو في موضعه من السماء، وظهرت إحدى الشقَّتين فوق الجبل، والأخرى دونه، هكذا ثبت في «الصحيحين» من رواية ابن مسعود ☺)، انتهى، وقد تَقَدَّم.
          تنبيه ثانٍ: ذكر الحَلِيميُّ الفقيهُ الشافعيُّ: أنَّه انشقَّ في زمانه _أي: زمان الحَلِيميِّ_ وكان ابنَ ليلَتَين، ورآه هو وجمعٌ معه، قال: (وما زلتُ أنظرُ إليهما حتَّى اتَّصلا ثم [لم يعودا كما] كانا(1))، قال: (وكان معي جماعةٌ مِنَ الثقات شاهدوا ذلك)، قال: (وأخبرني مَن وَثِقتُ به وكان خبره عندي كعِياني: أنَّه رأى الهلال وهو ابن ثلاث منشقًّا بنصفين)، انتهى، نقله القرطبيُّ في «تذكرته».


[1] في (أ): (تماسا)، وفوقه إشارة، والمثبت من «المنهاج»، وقال بعده: (ولكنهما صارا في شكل أترجة).