التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم

          (بابُ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلعم)... إلى (باب هِجْرَةِ النَّبِيِّ صلعم وَأَصْحَابِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ).
          تنبيهٌ: تَقَدَّم في أوَّل هذا التعليق في شهر المبعث أقوالٌ؛ الأكثرون على أنَّه في ربيع الأوَّل، وقيل: رمضان، وقيل: رجب.
          تنبيهٌ ثانٍ: سيأتي قريبًا كم سنُّه صلعم حين بُعِثَ [خ¦3851]، وقد تَقَدَّم [خ¦3547].
          قوله: (مُحَمَّدُِ بْنُ عَبْدِ اللهِ): يجوز في (محمَّد) الجرُّ على البدل من (النَّبيِّ) المجرور، ويجوز رفعُه على أنَّه خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ؛ تقديره: هو محمَّدٌ، وهذان ظاهران.
          قوله في نسبه الكريم الشريف: (ابْن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ): اعلم أنَّه يُدعى شيبة الحمد، واسمُه عامرٌ في قول ابنِ قُتَيبة، وشيبةُ في قول ابنِ إسحاق، وهو قولُ الجمهور، قال السُّهَيليُّ: (وهو الصحيح)، وسُمِّيَ عبدَ المُطَّلب؛ لأنَّ عمَّه المُطَّلبَ أردفه خلفه حين أتى به صغيرًا مِنَ المدينة، فكان يقال: مَن هذا؟ فيقول: عبدي.
          ترجمة عبد المُطَّلب معروفةٌ؛ منها: أنَّه حرَّم الخمر في الجاهليَّة، وقد فعل جماعةٌ مثلَه سأذكُرُهم إن شاء الله تعالى وقدَّره في (الأشربة).
          قوله في نسبه الشريف: (ابْن هَاشِم): اعلم أنَّ عبدَ شمسٍ كان تلوًا لهاشم، ويقال: كانا توءمين، فوُلِدَ هاشمٌ ورجله في جبهة عبدِ شمس ملتصقة، فلم يُقدَر على نزعها إلَّا بدم، فكانوا يقولون: ستكون بين ولديهما دماء، فكانت تلك الدماء ما وقع بين بني هاشم وبني أميَّة بن عبد شمس، والله أعلم.
          واسمُ هاشم عَمرٌو، وكنيةُ هاشمٍ _على ما رأيتُه بخطِّ شيخِنا الأستاذِ أبي جعفر الأندلسيِّ_ أبو نضلة؛ كُني بولده نضلة، وقيل: أبو أسد؛ كُني بولده أسد، وقيل: أبو ثريد؛ لإطعامه الثريد، انتهى.
          قوله في نسبه الشريف: (ابْن عَبْدِ مَنَاف): (مناف): اسم صنم، قال أبو ذرٍّ في «حواشيه على السيرة»: (أُضيف إليه «عبد» كما يقولون: عبد يغوث، وعبد العُزَّى، وعبد اللَّات)، انتهى، واسمُ عبدِ مناف المغيرةُ، وكان يقال له: قمر البطحاء.
          قوله في النسب الشريف: (ابْن قُصَيٍّ) اسم (قصيٍّ) زيد، قال بعضهم: (وقال الشافعيُّ: اسمُه يزيدُ فيما حكاه الحاكمُ أبو أحمدَ)، انتهى، وقال أبو ذرٍّ: (واسمه مُجَمِّع)، وفي أوائل «الاستيعاب» لابن عبد البَرِّ: (وقد قيل: يزيد)، و(قُصَيٌّ) تصغير: قَصِيٍّ؛ أي: بعيد؛ لأنَّه بعد عن عشيرته في بلاد قضاعة حين احتملته أمُّه فاطمةُ مع رابِّه ربيعةَ.
          قوله في نسبه الشريف: (ابْنِ كِلَابٍ): قال مغلطاي في «سيرته الصغرى»: (اسمُ كِلَابٍ حَكِيمٌ، وقيل: عروة)، انتهى، وقيل غير ذلك، قال بعضُهم: (ولُقِّب كلابًا؛ لمحبَّتِه الصَّيدَ، وكان أكثرُ صيده بالكلاب)، انتهى.
          قوله في النسب الشريف: (ابْن لُؤَيٍّ): بهمزٍ عند الأكثرين، وقيل: بتركه.
          قوله في النسب الشريف: (ابْن فِهْر): اعلم أنَّ اسم (فِهْر) قريش، وفِهْر لقب، وقيل بالعكس، وقيل: قريش هو النضر بن كنانة، واسم النضر قيس، كذا قال بعضُهم، فمن كان من ولده؛ فقرشيٌّ، وإلَّا؛ فلا، هذا قول أكثر النسابين، كذا قال بعضٌ، وقيل: إنَّه إلياس، وقيل: مُضَر، وسُمِّي قُرَيشًا؛ لأنَّه كان يقرش عن خلَّة الناس وحاجتهم، فيسدُّها بماله، والتقريش: التفتيش، وقيل: التجمُّع، وقيل: إنَّ (قريشًا) تصغير (قِرْش)؛ وهو حوت في البحر يأكل حيتان البحر، سُمِّيت به القبيلة أو أبوها.
          قوله في النسب الشريف: (ابْنِ مُدْرِكَةَ): اسم (مدركة) عَمرو، وقيل: عامر.
          قوله في النسب الشريف: (ابْنِ الْيَاسِ): اسمه حَبِيب، كذا قاله بعضٌ، وهو بكسر الهمزة عند ابن الأنباريِّ وطائفةٍ، وقيل: إنَّه بهمزة وصلٍ، قال السُّهيليُّ: (والذي قاله [غير] ابن الأنباريِّ أصحُّ)، انتهى، وقال بعضُ مشايخي في القول الذي أنَّه بهمزة وصل: (صحَّحه المحقِّقون)، انتهى، وهو بالمثنَّاة تحت، وله أخٌ بالنون، كذا قاله ابنُ ماكولا وغيرُه، قال السُّهيليُّ: (ويُذكَر عنِ النَّبيِّ صلعم: «لا تسبُّوا إلياسَ، فإنَّه كان مؤمنًا»)، انتهى، ولا أدري ما حال هذا الحديث.
          قوله في النسب الشريف: (ابْن مُضَرَ): (مُضَر): غير مصروف؛ لأنَّه معدولٌ عن (ماضر)، واعلم أنَّه(1) يقال له: مضرُ الحمراءِ، ويقال لأخيه: ربيعةُ الفَرَسِ؛ بالإضافة فيهما، وذلكَ لأنَّ أباهما أوصى لمضرَ بقبَّة حمراء، ولربيعة بفَرَس، وقيل: إنَّما قيل له: مضر الحمراء، وقيل لأخيه: / ربيعة الفرس؛ لأنَّهما لمَّا اقتسما الميراث؛ أُعطِيَ مُضَرُ الذَّهَبَ، وهو يُؤَنَّث، وأُعطِيَ ربيعةُ الخيلَ، وقيل: إنَّما يقال له: مضر الحمراء لبياضه، والعرب تسمِّي الأبيضَ أحمرَ، والله أعلم، وفي حديث: «لا تسبُّوا ربيعة ولا مُضَر؛ فإنَّهما كانا مؤمنين»، ذكره السُّهَيليُّ عن الزُّبَير بن أبي بكر، ولا أدري أنا ما حالُه، والله أعلم.
          قوله في النسب الشريف: (ابْن نِزَارِ): هو بكسر النون، مشتقٌّ مِنَ النَّزْر؛ وهو القليل، سُمِّي به؛ لأنَّ أباه حين وُلِد له نزارٌ ونَظَرَ إلى النور الذي بين عينيه _وهو نورُ النُّبوَّة الذي كان ينتقل في الأصلاب إلى النَّبيِّ صلعم_؛ فَرِحَ فَرَحًا شديدًا، ونَحَرَ وأطعمَ، وقال: إنَّ هذا كلَّه نَزْرٌ بحقِّ هذا المولود، فسُمِّيَ نزارًا لذلك.
          قوله في النسب الشريف: (ابْنِ مَعَدٍّ): هو بفتح الميم والعين وبالدال المُشدَّدة المهملتين، قال الجوهريُّ: (ومعدٌّ أبو العرب، وهو معدُّ بن عدنان، وكان سيبويه يقول: الميم من نفس الكلمة؛ لقولهم: تَمَعْدَدَ(2)؛ لقلَّة «تَمَفْعَلَ» في الكلام، وقد خُولِف).
          قوله في النسب الشريف: (ابْنِ عَدْنَانَ): اعلم أنَّه إلى عدنان هو الصحيح المُجمَع عليه في نسبه صلعم، ولهذا لم يَزِدِ البُخاريُّ عليه، وقد روينا عن ابنِ سعدٍ: أخبرنا هشامٌ: أخبرني أبي، عن أبي صالحٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ: أنَّ النَّبيَّ صلعم كان إذا انتسب؛ لم يجاوِز مَعَدَّ بن عدنان بن أُدَد، ثمَّ يُمسك، ويقول: «كذب النَّسَّابون، قال اللهُ ╡: {وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا}»[الفرقان:38]، وقال ابنُ عبَّاسٍ: لو شاء رسولُ الله صلعم أن يعلمه؛ لعلمه، وعن عائشة ♦: (ما وجدنا أحدًا يعرف ما وراء عدنان ولا قحطان إلَّا تخرُّصًا) انتهى؛ يعني: ظنًّا، وهشام في سند ابنِ سَعْدٍ: هو ابنُ محمَّد ابن السَّائِبِ الكلبيُّ، لا يُوثَق به، وأبوه رُمِيَ بالكذب، وأبو صالح لم يرَ ابنَ عبَّاسٍ، واسمُه باذام، والله أعلم.
          وما فوق عدنان مُختَلَف فيه، ولا خلافَ أنَّ عدنان مِن ولد إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ خليلِ الله، وإنَّما الخلافُ في عدد مَن بين عدنان وإسماعيل مِنَ الآباء؛ فمُقِلٌّ ومُكثِرٌ، وكذلك من بين إبراهيم وآدم، لا يعلم ذلك على حقيقته إلَّا الله ╡.
          فائدةٌ: اختلفَ العلماءُ في كراهة رفع النسب إلى آدمَ صلعم؛ فذهب ابنُ إسحاقَ والطَّبريُّ والبُخاريُّ وغيرُهم مِنَ العلماء إلى جوازه، وأمَّا مالكٌ؛ فقد سُئِل عن الرجل يرفع نسبه إلى آدم، فكَرِه ذلك، قيل له: فإلى إسماعيل؟ فأنكر ذلك أيضًا، وقال: ومَن يُخبره به؟! وكره أيضًا أن يُرفَع في نسب الأنبياء؛ مثل أن يقول: إبراهيم بن فلان بن فلان، قال: ومَن يخبره به؟! وقع هذا الكلام لمالك في الكتاب الكبير المنسوب إلى المُعَيْطيِّ، وإنَّما أصلُه لعبد الله بن محمَّد بن حنين، وتمَّمه المُعَيْطيُّ، فنُسِب إليه، قاله السُّهَيليُّ.
          قال الحافظُ فتحُ الدِّين ابنُ سيِّدِ النَّاس: (والذي رجَّحه بعضُ النَّسَّابين في نسب عدنان أنَّه ابنُ أُدِّ بن أُدَد بن اليسع بن الهَمَيْسع بن سلامان بن نَبْت بن حَمَل بن قَيْذار بن الذَّبيح إسماعيل بن إبراهيم الخليل بن تارَح _وهو آزر_ بن ناحُوْر بن ساروح بن أرغُو بن فالَغ بن عابَر بن شالَخ بن أَرْفَخْشذ ابن سام بن نوح بن لمَك بن مَتُّوْشَلَخ بن أخنُوخ _وهو إدريس النَّبيُّ صلعم_ ابن يَارْد بن مهلائيل ابن قَيْنان بن أنوش بن شيث _وهو هبة الله_ ابن آدم عليهما أفضل الصلاة والسلام).
          واعلم أنَّ شيخَنا الحافظَ العراقيَّ قال في «سيرته»: [من الرجز]
          وَبَعْدَهُ... أي: بعد عدنان
وَبَعْدَهُ خُلْفٌ كَثِيرٌ جَمُّ                     أَصَحُّهُ حَوَاهُ هَذَا النَّظْمُ
          ثمَّ ذكر في النظم بعد عدنان: ابن أُدَد _وبعضهم يزيد فيقول: عدنان بن أُدِّ بن أُدَد_ ابن مُقَوَّم بن ناحُور بن تَيْرَح بن يَعْرُب بن يَشْجُبَ بن نَابِت بن إسماعيل، والباقي مثل ما ذكرتُه غير أنَّه قال في فالَغ: (فالَخ) بالخاء المعجمة، وفي عابر: (عَيبر)، وفي لَامك: (لَمْك)، وفي أخنوخ: (خَنُوخ) بغير همزة، وفي يارد: (يَرْد)، وفي مهلائيل: (مَهْلِيل)، وفي قينان: (قَيْنَن)، وفي أنوش: (يَانِش)، والله أعلم.
          فقوله في النسب: (ابن أُدَد)؛ هو مصروف، قال ابن السَّرَّاج: هو من الوُدِّ، فانصرف؛ لأنَّه مثل: ثُقَب، وليس معدولًا؛ كعُمَر، وهو معنى كلام سيبويه، انتهى كلام السُّهَيليِّ.
          وقوله فيه: (ابن اليسع): هو اسم من أسماء العجم، أُدخِل عليه الألف واللَّام، وهما لا يدخلان على نظائره كـ(يَعمَر) و(يزيدَ) و(يَشْكُر) إلَّا في ضرورة الشعر.
          وقوله فيه: (ابن الهَمَيْسَع): قال الجوهريُّ في «صحاحِه»: (الهَمَيْسَعُ؛ بالفتح _يعني: فتح الهاء_: الرَّجُلُ القويُّ، زعموا، واسمُ الرَّجُلِ أيضًا)، انتهى، والهَميسع تفسيره: الصَّرَّاع.
          وقوله فيه: (ابن نَبْت): هو بفتح النون، وسكون الموحَّدة، ثمَّ مثنَّاة فوق في آخره.
          وقوله فيه: (ابن حَمَل): هو بفتح الحاء المهملة والميم، وباللَّام.
          وقوله فيه: (ابن الذبيح إسماعيل): هذه المسألة اختُلف فيها على قولين، ورأيتُ المُحِبَّ الطَّبريَّ حكى عن أكثر أهل العلم: أنَّه إسحاق، كذا قال، وقال ابن القَيِّم شمس الدين: (وإسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصَّحابة والتابعين ومَن بعدَهم، وأمَّا القولُ بأنَّه إسحاقُ؛ فباطلٌ مِن أكثرَ مِن عشرين وجهًا)، قال: (وسمعتُ شيخَ الإسلامِ ابنَ تيمية قدَّس اللهُ روحَه يقولُ: هذا القولُ إنَّما هو متلقًّى عن أهل الكتاب مع أنَّه باطلٌ بنصِّ كتابهم، فإنَّ فيه: «إنَّ الله أمرَ إبراهيمَ أن يذبحَ ابنَه بِكْرَه»، وفي لفظٍ: «وحيدَهُ»، ولا يشكُّ أهلُ الكتاب مع المسلمين أنَّ إسماعيلَ هو بِكْرُ أولاده، والذي غرَّ أصحابَ هذا القولِ أنَّ [في] التوراة التي بأيديهم: «اذبح ابنك إسحاق»، قال: وهذه الزيادة من تحريفهم وكذبهم؛ لأنَّها تُناقِض قوله: اذبح ابنك بِكْرَكَ ووحيدَك، ولكنَّ اليهود حسدت بني إسماعيل على هذا الشرف، فأحبُّوا أن يكون لهم، وأن يسوقوه إليهم، ويحتازوه دون العرب، ويأبى الله إلَّا أن يجعل فضلَه لأهلِه)، ثمَّ شرع يستدلُّ لذلك في كلام طويل نحو ثلاث(3) أوراق ونصف، وقد تَقَدَّم هذا في إسماعيلَ وأمِّه هاجر [خ¦3365].
          فائدةٌ: تفسير (إسماعيل): مطيع الله.
          وقوله فيه: (ابن تارَح): هو بالمثنَّاة فوق، وبعد الألف راء مفتوحة، ثمَّ حاء مهملة، وقيل: إنَّ تارح لقب، وآزر الاسم، وقيل: بالعكس، قال الإمام السُّهيليُّ: (وآزر: معناه: يا أعوج، وقيل: هو اسم صنمٍ، وانتصب في التلاوة على إضمار الفعل، وقيل: هو اسمٌ لأبيه كان يُسَمَّى تارَح وآزر، وهذا هو الصحيح؛ لمجيئِه في الحديث منسوبًا إلى آزر).
          قال الإمامُ شهابُ الدين السَّمِينُ في «إعرابه»: (وإعرابه _يعني: {آزَرَ}[الأنعام:74]_ حينئذٍ _يعني: في التلاوة_ على أوجه؛ أحدها: أنَّه بدلٌ مِن «أبيه»، أو عطفُ بيان له إن كان «آزر» لقبًا، وإن كان صفةً بمعنى: المخطئ، كما قاله الزَّجَّاج، أو المعوجُّ، كما قاله الفرَّاء، أو الشيخ الهَرِم، كما قاله الضَّحَّاك؛ فيكون نعتًا لـ«أبيه» أو حالًا منه؛ بمعنى: وهو في حال اعوجاج أو خطأ، ويُنسَب للزَّجَّاج، وإن قيل: إنَّ «آزر» اسمُ صنمٍ كان يعبده أبوه؛ فيكون [إذ] ذاك عطفَ بيان لـ«أبيه»، أو بدلًا، أو يكون على حذف مضاف؛ أي: لأبيه عابدِ(4) آزرَ، ثمَّ حُذِفَ / المضافُ وأُقِيمَ المضافُ إليه مُقامَه، وعلى هذا فيكون «عابد» صفة لـ«أبيه»، أُعرِب هذا بإعرابِه، أو يكون منصوبًا على الذَّمِّ، و«آزَرُ»: ممنوعٌ مِنَ الصرف، واختُلِفَ في عِلَّة مَنْعِه؛ فقال الزَّمَخْشَرِيُّ: والأقربُ أن يكون وزنُ «آزَر» «فاعَل»؛ كعابَر، وشالَخ، وفالَغ؛ فعلى هذا هو ممنوعٌ للعلميَّة والعجمة، وقال أبو البقاء: وزنه «أَفْعَل»، ولم ينصرف للعُجْمَةِ والتعريفِ على قول مَن لم يشتقَّه مِنَ الأزر أو الوزر، ومَنِ اشتقَّه مِنْ واحدٍ منهما؛ قال: هو عربيٌّ، ولم يصرِفْه للتعريفِ ووَزْنِ الفعل، وهذا الخلافُ يُشْبِهُ الخلافَ في «آدم»، وقد تَقَدَّم ذلك، وأنَّ اختيارَ الزَّمَخْشَرِيِّ فيه أنَّه «فاعَل»؛ كعابَر...) إلى آخر كلامه، وهو كلامٌ طويلٌ جدًّا، فإن أردته؛ فانظره من «إعرابه»، والله أعلم.
          وقوله فيه: (ابن نَاحُوْر): هو بالنون، وبعد الألف حاء مهملة مضمومة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ راء.
          قوله فيه: (ابن ساروح): هو بمهملات.
          وقوله فيه: (ابن أرغُو): هو بغين معجمة مضمومة، وفي بعض النسخ إعجام الغين بالقلم، قال مغلطاي: (راغوا، ويقال: أرغُو؛ ومعناه: قاسم)، انتهى، ويقال: راعُو؛ بعين مهملة مضمومة، وكذا قيَّده شيخُنا في شرح هذا الكتاب.
          وقوله: (ابن فالَغ): الذي أحفظه أنَّه بفاء، وبعد الألف لام مفتوحة _وكذا قيَّدها بالفتح الزمخشريُّ فيما تَقَدَّم، وكذا قيَّده أيضًا بعضُ النُّحاة_ ثمَّ غين معجمة، قال السُّهَيليُّ: (ومعناه: القسَّام)، وقد تَقَدَّم أنَّ في نظم شيخِنا العراقيِّ في (فالَغ) قال: (فالَخ) بالخاء المعجمة، وقال مغلطاي: (فالَخ، ويقال: فالَغ)، انتهى، قال السُّهَيليُّ: (وذكر الطَّبريُّ أنَّ بين فالَغ وعابَر أبًا اسمه قينن، أُسقِط اسمُه في التوراة؛ لأنَّه كان ساحرًا)، انتهى، وقد انتقد ذلك عليه ابنُ دحية الحافظُ عمرُ بن الحسن، فقال _كما رأيتُه عنه_: (بل هو في التوراة بإجماعهم)، انتهى.
          وقوله فيه: (ابن عابَر): هو بعين مهملة، وبعد الألف موحَّدة مفتوحة، كذا أحفظُه، وكما ضبطه الزَّمَخْشَرِيُّ كما تَقَدَّم قريبًا، وكذا الذَّهبيُّ في «المشتبه» له، وسبقه إلى ذلك الأميرُ أبو نصر ابنُ ماكولا، فذكره بالعين المهملة وبالموحَّدة، وهي مفتوحةٌ بالقلم كذا بخطِّ ابنِ خليلٍ الحافظِ، وفي نظم شيخِنا العراقيِّ وكذا في كلام شيخِنا الشارحِ: أنَّه عَيْبَر، وفي «سيرة مغلطاي الصغرى»: ([عيبر، ويُقال]: عابر، وهو هود ◙)، انتهى.
          وقوله: (ابن شالَخ): هو بشين معجمة، وبعد الألف لام [مفتوحة] _كذا قيَّده الزَّمَخْشَرِيُّ كما نقلته قُبَيل هذا_ ثمَّ خاء معجمة، قال بعضُ مشايخي: (وشالَخ؛ كهاجَر: جدُّ إبراهيم)، انتهى، وكذا رأيتُه في «حواشي المقرَّب» لابن برِّيٍّ في الكلام على آدم: هل هو (أفعل) أو (فاعَل)؛ كشالَخ؟ فهذا صرَّح أيضًا في فتح لامه، قال السُّهيليُّ عنِ ابنِ هشامٍ: (وشالَخ: معناه: الرسول أو الوكيل).
          وقوله: (ابن أَرْفَخْشذ): هو براء ساكنة بعد الهمزة المفتوحة، ثمَّ فاء، ثمَّ خاء ساكنة ثمَّ شين معجمتين، ثم ذال الظَّاهر أنَّها مثلهما، وكذا رأيتُها معجمة في «سيرة مغلطاي» بالقلم في نسخة صحيحة قال: ويقال: (الفخشذ، ويقال: الفشخذ)، انتهى، قال السُّهيليُّ: (وتفسيره: مصباح مضيء، و«شاذ» _مخفَّف_ بالسريانيَّة: الضياء).
          وقوله فيه: (ابن نوح): قال السُّهيليُّ عن ابن هشام في غير «السيرة»: (واسمه عبدُ الغفَّار)، وقال غيره: اسمه يسكن، وقيل: يشكر، وقال آخر: اسم(5) أمِّه سمحاء بنت أنوش، وقد تَقَدَّم هذا [خ¦1-2]، ويجوز صرفُه وعدمُه.
          وقوله فيه: (ابن لَمْك): كذا رأيتُه، وكذا نظمه شيخُنا العراقيُّ كما تَقَدَّم، وقال بعضُ مشايخي: (لامَـِك)، وكذا: (لَمْك) في كلام ابنِ سيِّد الناس، و(لامَـِك): بفتح الميم وكسرها.
          وقوله فيه: (ابن مَتُّوْشَلَخ): هو بميم مفتوحة، ثمَّ مثنَّاة فوق مشدَّدة، ثمَّ واو ساكنة، ثمَّ شين معجمة ثمَّ لام مفتوحتين، ثمَّ خاء معجمة، وفي «تاريخ صاحب حماة» كما رأيته فيه: (هو بتاء مثنَّاة من فوقها، وقيل: مثلَّثة، وآخره حاء مهملة)، انتهى، ويقال: مُتَوَشْلخ، قال السُّهَيليُّ: (وذكره الناشئ في قصيدتِه أنَّه مُتَوَشْلخ، وتفسيره: مات الرسول؛ لأنَّ أباه كان رسولًا، وهو خنوخ، وقال ابنُ إسحاق وغيرُه: هو إدريس).
          وقوله فيه: (ابن خنُوخ؛ وهو إدريس): هو بالخاء المعجمة _وقيل: المهملة_ ثمَّ نون مضمومة، ثمَّ واو، ثمَّ خاء معجمة، قال بعضُ مشايخي: (خَنُوخ _بخاءين معجمتين_ أو أخْنُوخ _يعني: بخاءين أيضًا بزيادة همزة في أوَّله_: إدريس ◙)، وقال غيرُه مِن مشايخي: (حنوخ، ويقال: أحنخ، ويقال: أهيخ)، ثُمَّ قال: (وخنوخ: سُريانيٌّ، وتفسيره بالعربيِّ: إدريس)، انتهى، وكذا قال مغلطاي، وكأنَّه أخذه منه، وقد تَقَدَّم الكلام في إدريس هل هو في عمود النسب الشريف أم لا في أوَّل الكتاب وفي حديث الإسراء؛ فليُنظَر فيهما [خ¦1-2] [خ¦349].
          وقوله فيه: (يَارْد): وقيل فيه: يَرْد، وهو بمثنَّاة تحت مفتوحة، ثُمَّ راء ساكنة، ثُمَّ دال مهملة، قال السُّهيليُّ: (وتفسيره _أي: تفسير «يَرْد»_: الضابطُ)، وحكى صاحبُ حماة في «تاريخه» في الراء الإعجامَ، بل اقتصر عليه.
          وقوله فيه: (ابن مهلائيل): قال السُّهيليُّ: (وتفسيره: الممدَّح).
          وقوله فيه: (ابن قَيْنان) هو بقاف مفتوحة أوَّله، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ نون، وقيل فيه: قَيْنَن، قال السُّهيليُّ: (وتفسيره: المستوي)، كذا رأيتُه في نسختين مِنَ «الروض»، وفي كلام مغلطاي في «سيرته»: (المستولي)، كذا رأيتُه في نسخةٍ صحيحةٍ مقروءةٍ عليه، ورأيتُ في كلام شيخِنا ابن الملقِّن: أنَّ قَيْنَن هو الذي بنى أنطاكيَّة، انتهى.
          وقوله فيه: (ابن أَنُوش): هو بالنون، والشين المعجمة، وقيل فيه: يانَش، وقيل: آنُش، قال السُّهَيليُّ: (ومعناه _أي: معنى «أنوش»_: الصادقُ، وهو بالعربيَّة: آنُش).
          وقوله فيه: (ابن شيث؛ هو هبة الله): قال السُّهيليُّ: (وتفسيرُه _أي: تفسير «شيث»_: عطيَّة الله)، وقال أيضًا السُّهَيليُّ: (ابن شيث؛ وهو بالسُّريانيَّة: شاث، وبالعبرانيَّة: شيث).


[1] في (أ): (أن).
[2] في (أ) مضبوطًا: (تَمَعْدُدَ)، وضمُّ الدال الأولى مع فتح الثانية لا يستقيم، وفي «الصحاح»: (تَمَعْدَدَ)، وفي «كتاب سيبويه»: (تمعدُدٍ).
[3] في (أ): (ثلاثة)، ولعل المثبت هو الصواب.
[4] في (أ): (عابدًا)، والمثبت من مصدره.
[5] في (أ): (اسمه).