شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب إذا احتلمت المرأة

          ░22▒ بَابُ: إِذَا احْتَلَمَتِ المَرْأَةُ.
          فيهِ: أُمُّ سَلَمَةَ: (جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أبي طَلْحَةَ(1) إلى رَسُولِ اللهِ صلعم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ(2) عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هيَ(3) احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ(4) رَسُولُ اللهِ صلعم: نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ). [خ¦282]
          لا خلاف بين العلماء(5) أنَّ النِّساء إذا احتلمنَ ورأينَ الماء أنَّ عليهنَّ الغُسْلَ، وحكمهنَّ حكم الرِّجال في ذلك، وفيه: دليلٌ أنَّ ليس(6) كلَّ النِّساء يحتلمنَ؛ لأنَّ في غير هذه الرِّواية أنَّ أمَّ سَلَمَةَ غَطَّتْ وجهها استحياءً مِن رَسُولِ اللهِ صلعم، وقَالَتْ لأمِّ سُلَيْمٍ: وهلْ تَرَى ذلكَ المرأةُ؟ وكذلك أنْكرت(7) عَائِشَةُ أيضًا في حديث مالكٍ عن ابنِ شِهَابٍ عن عُرْوَةَ، وقد يفقد بعض الرِّجال الاحتلام، فكذلك النِّساء. وفي قول أمِّ سُلَيْمٍ: (إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ)، أنَّه يلزم كلَّ من جهل شيئًا مِن دينه أن يسأل عنه العالمين به، وأنَّه محمودٌ بذلك، ألا ترى قول عَائِشَةَ ♦: ((نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ، لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الحَيَاءُ مِنَ التَّفَقُّهِ في الدِّيْنِ)). وإنَّما يكون الحياء فيما تجد المرأة من ذكره بُدًّا(8)، وأمَّا ما يلزم السُّؤال عنه فلا حياء فيه. وإنَّما اعتذرت أمُّ سُلَيْمٍ مِن مشافهة رَسُولِ اللهِ صلعم في(9) ذلك؛ إذ سؤالها له أثبت في نفسها، فلذلك قدَّمت بين يدي قولها: (إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ). /


[1] قوله: ((امرأة أبي طلحة)) ليس في (م).
[2] في (ص): ((فهل)).
[3] قوله: ((هي)) ليس في (م).
[4] في (ص): ((قال)).
[5] قوله: ((بين العلماء)) ليس في (م).
[6] قوله: ((ليس)) ليس في (م).
[7] في (م): ((أنكرته)).
[8] في (م): ((فيما يجد المؤمن ذكره)).
[9] في (ص): ((من)).