شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الوضوء قبل الغسل

          ░1▒ بَابُ: الوُضُوءِ قَبْلَ الغُسْلِ.
          فيهِ: عَائِشَةُ: (كَانَ النَّبيَّ صلعم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ(1)، ثمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ، ثمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ في المَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ الشَّعْرِ(2)، ثمَّ يَصُبُّ الماءَ(3) عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غُرَفٍ بِيَدِهِ(4)، ثمَّ يُفِيْضُ / المَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ). [خ¦248]
          وفيهِ: مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبيِّ صلعم(5): (تَوَضَّأَ رَسُوْلُ اللهِ صلعم وُضُوْءَهُ لِلصَّلاةِ غَيْرَ رِجْلَيْهِ، وَغَسَلَ فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ مِنَ الأَذَى، ثمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ المَاءَ، ثمَّ نَحَّى رِجْلَيْهِ فَغَسَلَهُمَا، هَذِهِ صِفَةُ(6) غُسْلِهِ مِنَ الجَنَابَةِ). [خ¦249]
          قال المُؤَلِّفُ(7): العلماء مجمعون على استحباب الوضوء قبل الغُسْلِ تأسِّيًا برَسُولِ اللهِ صلعم في ذلك، ويحتمل أن يكون قدَّم الوضوء قبل الغُسْلِ لفضل أعضاء الوضوء(8)، أو لغير ذلك، وأمَّا الوضوءُ بعد الغُسْلِ فلا وجه له عند العلماء، وروى نافعٌ عن ابنِ عُمَرَ أنَّه سُئِلَ عن الوضوء بعد الغُسْلِ فقال: وأيُّ وضوءٍ(9) أعمُّ مِن الغُسْلِ، وقد ذكر ابن أبي شَيْبَةَ، قال: حدَّثنا مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَان عن أبيه عن عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ عن أبي البَخْتَرِيِّ، أنَّ عليًّا كان يتوضَّأ بعد الغُسْلِ، وروى الزُّهْرِيُّ عن سَالِمٍ قال: كان أبي يغتسل ثمَّ يتوضَّأ، فأقول: أما يُجزئك الغُسْلُ؟ فقال: وأيُّ وضوء أتمُّ من الغُسْلِ للجُنُبِ، ولكنِّي يُخَيَّلُ إليَّ أنَّه يخرج مِن ذَكَرِي شيءٌ فأمسُّه فأتوضَّأ لذلك. وأمَّا حديث عليٍّ فهو مرسلٌ؛ لأنَّ يحيى بن معينٍ قال: أبو البَخْتَرِيُّ الطَّائِيُّ اسمه سَعِيدُ بنُ عُبَيْدٍ ثقةٌ، ولم يسمع من عليِّ بنِ أبي طالبٍ، ولو ثَبَتَ عن عليٍّ لكان(10) إنَّما فعله لانتقاض وضوئه، أو شكَّ فيه كما قال ابنُ عُمَرَ، و(11) روى أبو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيِّ عن أبي(12) الأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ عن عَائِشَةَ قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم لَا يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ)).


[1] في (ص): ((يده)).
[2] في (م): ((شعره)).
[3] قوله: ((الماء)) ليس في المطبوع و(م).
[4] في (م): ((فرغات بيديه)).
[5] قوله: ((زوجُ النَّبيِّ صلعم)) ليس في (م).
[6] قوله: ((صفة)) ليس في (ص).
[7] قوله: ((هذِهِ صِفَةُ غُسْلِهِ مِنَ الجَنَابَةِ. قال المؤلف)) ليس في (م).
[8] زاد في (م): ((على سائر الأعضاء)).
[9] في (م): ((وضوءه)).
[10] في (م): ((وأمَّا حديث عليٍّ فهو مرسلٌ، لأنَّ أبا البختريَّ لم يسمع منه قاله ابنُ معينٍ، ولو ثبت عنه لكان)).
[11] زاد في (م): ((قد)).
[12] قوله: ((أبي)) ليس في (م).