شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من تطيب ثم اغتسل وبقى أثر الطيب

          ░14▒ بُابُ: مَنْ تَطَيَّبَ ثمَّ اغْتَسَلَ وَبَقِيَ أَثَرُ الطِّيْبِ.
          فيهِ: عَائِشَةُ أَنَّها(1) ذُكِرَ لَهَا قَوْلُ ابنِ عُمَرَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَحُ طِيبًا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: (أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولُ اللهِ صلعم، ثمَّ طَافَ في نِسَائِهِ، ثمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا). [خ¦270]
          وَقَالَتْ عَائِشَةُ: (كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيْصِ الطِّيْبِ في مَفْرِقِ النَّبيِّ صلعم وَهُوَ مُحْرِمٌ). [خ¦271]
          قال المُهَلَّبُ: فيه أنَّ السُّنَّة اتِّخاذ الطِّيب للنِّساء والرِّجال(2) عندَ الجماعِ، فكانَ(3) صلعم أملكَ لأربِهِ مِن سائر أمَّته، فلذلك كان لا يتجنَّب الطِّيب في الإحرام ونهانا عنه لضعفنا عن ملك الشَّهوات، إذ الطِّيب مِن أسباب الجماع ودواعيه، والجماع يُفسد الحجَّ فمُنع فيه الطِّيب للذَّريعة، وسيأتي اختلاف العلماء في الطِّيب للمُحْرِمِ في كتاب الحجِّ إن شاء الله ╡ [خ¦1539]، والوَبِيْص: البريق واللَّمعان. وقد احتَجَّ بحديث عَائِشَةَ مَن لا يوجب التَّدلُّك في الغُسْلِ، وقال(4): لو تَدَلَّكَ صلعم في غُسْلِهِ لم ينضح الطِّيب منه، فقال(5) الطَّحَاوِيُّ: وقد(6) يجوز أن يكون دلَّك وقد غسله، وهكذا الطِّيب إذا كان كثيرًا ربَّما غسله فذهب وبقي وبيصه.


[1] في المطبوع و(ص): ((أنَّه)).
[2] في (م): ((للرِّجال والنِّساء)).
[3] في (م): ((وكان)).
[4] في المطبوع و(ص): ((وقالوا)).
[5] في المطبوع و(ص): ((وقال))، وفي (م): ((قال)).
[6] قوله: ((قد)) ليس في (م).