نجاح القاري لصحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم}

          ░25▒ (باب قَوْلِ اللَّهِ ╡) ويروى: <تعالى> بدل: ╡؛ أي: باب بيان الوعيد الشَّديد الذي تتضمَّنه هذه الآية الكريمة في حقِّ الذين يرتكبون الأيمان الكاذبة الفاجرة الآثمة، وقد ذمَّهم الله تعالى بقوله: ({إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ} [آل عمران:77]) أي: يعتاضون ويستبدلون ({بِعَهْدِ اللَّهِ}) أي: بما عاهدوا الله عليه ({وَأَيْمَانِهِمْ}) الكاذبة ({ثَمَنًا قَلِيلًا}) أي: عوضًا يسيرًا. قيل: نزلت الآية في الأشعث بن قيس حين خاصمَ اليهودي في أرض على ما مرَّ حديثه عن قريبٍ. وقيل: إنَّ رجلًا أقام سلعته في السُّوق أول النَّهار فلمَّا كان آخره جاءه رجلٌ فساومه عليها فحلفَ بالله منعتُها أول النَّهار من كذا، ولولا المساء لما بعت، على ما يجيء قريبًا، ولا تعارض بينهما؛ لاحتمال أن تكون نزلت في كلٍّ من القضيتين.
          وتمام الآية: {أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ} أي: لا نصيب لهم {فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} فإن كان ذلك من اليهود فلا يكلِّمه أصلًا، بل تسأله الملائكة وإن كان من العصاة، فالمعنى والله أعلم: فلا يكلِّمهم بما يسرُّهم وينفعهم {وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} نظر الرَّحمة والشَّفقة {يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ} أي: ولا يثني عليهم، وقيل: لا يطهِّرهم من الذُّنوب والآثام، بل يأمر بهم إلى النَّار {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران:77] أي: مؤلمٌ شديد.