نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: إذا عدل رجل أحدًا فقال لا نعلم إلا خيرًا

          ░2▒ (بابٌ) بالتَّنوين (إِذَا عَدَّلَ) من التَّعديل (رَجُلٌ أَحَدًا) كذا في رواية الكُشميهني، وفي رواية غيره: <إذا عدَّل رجل رجلًا> (فَقَالَ) أي: المعدِّل (لاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا، أَوْ قَالَ: مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْرًا) ولم يذكر جواب إذا الذي هو حكمُ المسألة لأجل الخلاف فيه. قال ابن بطَّال: حكى الطَّحاوي عن أبي يوسف أنَّه قال: إذا قال ذلك قبلت شهادته، ولم يذكر خلافًا عن الكوفيِّين في ذلك. واحتجُّوا بحديث الإفك على ما يأتي إن شاء الله تعالى. وعن محمَّد لابدَّ أن يقول المعدَّل هو عدل جائز الشَّهادة، والأصح أنَّه يكتفي بقوله: هو عدل.
          وذكر ابن المنذر عن ابن عمر ☻ أنَّه كان إذا أنعم مدح الرَّجل قال: ما علمنا إلَّا خيرًا. وروى ابن القاسم عن مالك أنَّه أنكر أن يكون قوله: لا أعلم إلَّا خيرًا، تزكية وقال: لا يكون تزكية حتَّى يقول: رضا، وأراه عدلًا، رضا بالقصر.
          وذكر المزني عن الشَّافعي قال: لا يقبل في التَّعديل إلَّا أن يقول عدل، وفي قول: عدلٌ عليَّ ولِي. ثمَّ لا يقبله حتَّى يسأله عن معرفتهِ، فإن كان يعرف حاله الباطنة يقبل وإلَّا لا يقبل، والحجَّة لذلك: أنَّه لا يلزم / من أنَّه لا يعلم منه إلا خيرًا أن لا يكون فيه شيء.
          وأمَّا احتجاجهم بقصَّة أسامة فأجابه المهلَّب: بأنَّ ذلك وقع في العصر الذي زكَّى الله أهله، وكانت الجرحة فيه شاذَّة، فكفى في تعديلهم أن يقال: لا أعلم إلَّا خيرًا، وأمَّا اليوم فالجرحة في النَّاس أغلب، فلا بدَّ من التَّنصيص على العدالة.
          وفي «التَّوضيح»: والأصح عند الشَّافعية أنَّه يكفي أن يقول: هو عدلٌ، ولا يشترط: عليَّ ولي.