إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: الإيمان هاهنا والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين

          4387- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ) المسنَديُّ (الجُعْفِي) قال: (حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ) بفتح الجيم، ابنِ حازمٍ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بنُ الحجَّاجِ (عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ) الأحمسيِّ مولاهُم البجليِّ(1) (عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ) البجليِّ (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ) عقبةَ(2) بنِ عمرو البدريِّ الأَنصاريِّ ☺ : (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: الإِيمَانُ هَهُنَا، وَأَشَارَ) بالواو، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي ”فأشارَ“ (بِيَدِهِ إِلَى) جهةِ (اليَمَنِ) أي: أهلها لا من يُنْسَبُ إليها، ولو كان من غيرِ أهلهَا، وفيه ردٌّ على من زعم أنَّ المرادَ بقوله: «الإيمانُ يمانٌ» الأنصار لأنَّهم يمانيُّو الأصلِ؛ لأنَّ في إشارتهِ صلعم إلى اليمنِ ما يدلُّ على أنَّ المرادَ بهِ أهلها حينئذٍ، لا الَّذين كان أصلُهم منه، وسببُ الثَّناءِ عليهم بذلك إسراعُهُم إلى الإيمانِ وحسنُ قبولهِم له، ولا يلزمُ من ذلك نفيهُ عن غيرهِم، كما لا يخفَى (وَالجَفَاءُ) بفتح الجيم والفاء ممدود، التَّباعد وعدمُ الرِّقَّة والرَّحمة (وَغِلَظُ القُلُوبِ) بكسر الغين المعجمة وفتح اللام بعدها معجمة (فِي الفَدَّادِينَ) بالفاء والدالين المهملتين الأولى مشددة، جمع: فَدَّاد، وهو الشَّديدُ الصَّوتِ (عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ) عند سوقهم لها، ذمَّهم لاشتغالِهم بمعالجةِ ذلك عن / أمورِ دينِهم، وذلك مقتضٍ لقساوةِ القلبِ على ما لا يخفى (مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ) اللَّعين، بالتثنية جانِبا رأسهِ؛ لأنَّه ينتصبُ في محاذاةِ مطلعِ الشَّمسِ، فإذا طلعَتْ كانت بين قرنيهِ (رَبِيعَةَ وَمُضَرَ) بالجرِّ بدلًا من «الفدَّادين» غير منصرفين، وهما قبيلتانِ مشهورتانِ.
          ومرَّ الحديث بأواخرِ «بدءِ الخلق» في «باب خيرُ مالِ المسلم غنم» [خ¦3302].


[1] في (ب): «العجلي»، وفي (م): «البلخي».
[2] في (ب): «عتبة».