إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يا أسامة أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله

          4269- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالتوحيد (عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ) بفتح العين، النَّاقِدُ البغداديُّ قال: (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ) بضم الهاء مصغرًا، ابن بَشيرٍ الواسطِيُّ قال: (أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ) بضم الحاء، ابنُ عبدِ الرَّحمن الكوفيُّ قال: (أَخْبَرَنَا أَبُو ظَـِبْيَانَ) بفتح الظاء المعجمة في «اليونينية»، أو بكسرها وسكون الموحدة وبعد التحتية ألف فنون، حصينُ بنُ جندبٍ الكوفيُّ (قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ☻ يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلعم إِلَى الحُرَقَةِ) بالإفراد (فَصَبَّحْنَا القَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ) بالواو، ولأبي ذرٍّ ”فَلَحِقْتُ“ (أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ) قال في «المقدمة»: لم أعرفْ اسم الأنصاري، ويحتملُ أن يكون أبا الدَّرداء، ففي «تفسير عبد الرَّحمن بنِ زيدٍ» ما يرشدُ إليه (رَجُلًا مِنْهُمْ) هو مِرْدَاسُ بنُ عمرو، ويقال: ابن نَهِيكٍ الفَدَكِيُّ (فَلَمَّا غَشِينَاهُ) بكسر الشين المعجمة (قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. فَكَفَّ الأَنْصَارِيُّ) زاد أبو ذرٍّ والأَصيليُّ ”عنه“ (فَطَعَنْتُهُ) بالفاء، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ وابنِ عساكرٍ ”وطَعَنْتُهُ“ (بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا) المدينةَ (بَلَغَ النَّبِيَّ صلعم ) قتلي له بعد قوله كلمةَ التَّوحيد (فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ) بهمزة الاستفهام الإنكاريِّ (بَعْدَ مَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟! قُلْتُ): يا رسول الله (كَانَ مُتَعَوِّذًا) من القتلِ (فَمَا زَالَ) ╕ (يُكَرِّرُهَا) أي: كلمة «أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟!» (حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ) إنَّما قال أسامة‼ ذلك على سبيلِ المبالغةِ لا الحقيقة. قال الكِرْمانيُّ / : أو تمنَّى إسلامًا لا ذنبَ فيه.
          وقال الخطَّابيُّ: ويشبه أن يكون أسامةُ تأوَّل قوله: {فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا}[غافر:85]. ولم ينقلْ أنَّ رسول الله صلعم ألزمَ أسامةَ بنَ زيدٍ ديةً ولا غيرها. نعم نقلَ أبو عبد الله القرطبي في «تفسيره»: أنَّه صلعم أمرَ بالدِّيَةِ. فلينظرْ.
          وهذه الغزوةُ تُعرفُ عند أهلِ المغازي بسريَّةِ غالبِ بنِ عبدِ الله الليثيِّ إلى المَيْفَعَة في رمضان سنة سبعٍ، فقالوا: إنَّ أسامة قتل الرَّجل في هذه السَّريَّة، وهو مخالفٌ لظاهر ترجمةِ البخاريِّ: أنَّ أميرها أسامةُ، ولعلَّ المصير إلى ما في البخاري(1) هو الرَّاجح، بل الصَّواب لأن أسامة ما أُمِّر إلَّا بعد قتلِ أبيه بغزوةِ موتة في رجبٍ سنة ثمانٍ، والله أعلم.
          وهذا الحديث أخرجهُ المؤلف أيضًا في «الدِّيات» [خ¦6872]، ومسلمٌ في «الإيمان»، وأبو داود في «الجهاد»، والنَّسائي في «السِّير».


[1] في (ب) زيادة: «إذ».