إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إنه كان ينافح عن رسول الله

          4146- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ) بكسر الموحدة وسكون المعجمة، العسكريُّ الفرائضِيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) الملقب بغندرٍ (عَنْ شُعْبَةَ) بن الحجَّاجِ (عَنْ سُلَيْمَانَ) ابن مهران الأعمش (عَنْ أَبِي الضُّحَى) مسلمِ بن صُبيحٍ الكوفيُّ (عَنْ مَسْرُوقٍ) هو ابنُ الأجدَعِ، أنَّه (قَالَ: دَخَلْنَا) وللأَصيليِّ ”دخلتُ“ (عَلَى عَائِشَةَ ♦ وَعِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُهَا شِعْرًا، يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة المكسورة الأولى(1)، من التَّشبيبِ؛ وهو ذكرُ الشَّاعرِ وما(2) يتعلَّقُ بالغزل ونحوه (وَقَالَ) ولابن عساكرٍ ”فقال“: (حَصَانٌ) بفتح المهملتين وبعد الألف نون، عفيفةٌ تمتنعُ من الرِّجالِ(3) (رَزَانٌ) براء مهملة فزاي معجمة مخففة، صاحبةُ وَقَارٍ وعقلٍ ثابتٍ (مَا تُزَنُّ) بضم الفوقية وفتح الزاي المعجمة وتشديد النون المضمومة، أي: ما تُتَّهم (بِرِيبَةٍ) / بكسر الراء، بتهمَةٍ (وَتُصْبِحُ غَرْثَى) بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وفتح المثلثة، أي: جائعةً لا تغتابُ النَّاسَ؛ إذ لو كانت‼ مُغتابةً لكانت آكلةً(4) من لحمِ أخيهَا، فتكونُ شبعانةً، أو تصبحُ خميصةَ البطنِ (مِنْ لُحُومِ الغَوَافِلِ) عمَّا يرمينَ به من الشرِّ؛ لأنهنَّ لم يُتَّهَمْنَ قطُّ ولا خطَرَ على قلوبهنَّ، فهنَّ في غفلةٍ عنه، وهذا أبلغُ ما يكونُ من الوصفِ بالعفافِ (فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ) أي(5): بل اغتبتَ وخضتَ في قول أهلِ الإفك.
          (قَالَ مَسْرُوقٌ: فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَأْذَنِي لَهُ) بحذف نون الرفع لمجرَّد التَّخفيف. قال ابنُ مالكٍ: وهو ثابتٌ في الكلامِ الفصيحِ نثره ونظمه، ولأبي ذرٍّ ”لم(6) تأذنينَ لهُ“ (أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكِ) أي: في الدُّخول عليك (وَقَدْ قَالَ اللهُ) ╡: ({وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ}) عظمه ({مِنْهُمْ}) من العُصبَةِ ({لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور:11]) وقوله في «التنقيح»: أُنكر ذلك عليه، وإنَّما الَّذي تولَّى كبرَه عبدُ الله بن أبيِّ ابنُ سَلولٍ، وإنَّما كان حسَّان من الجملةِ؛ تعقَّبه في «المصابيح»: بأنَّ هذا في الحقيقةِ إنكارٌ على عائشة، فإنَّها سلَّمت لمسروقٍ ما قال بقولها: «وأيُّ عذابٍ أشدُّ من العَمَى» (فَقَالَتْ(7)) عائشة: (وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى) وكان قَد(8) عَمِيَ (قَالَتْ) ولأبي ذرٍّ ”فقالت“ (لَهُ: إِنَّهُ) أي: حسَّان (كَانَ يُنَافِحُ) يَذُبُّ (أَوْ يُهَاجِي) بشعرهِ (عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم ) ويخاصمُ عنه، وسقط لفظ «له» لأبي ذرٍّ.
          وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «التفسير» [خ¦4755] [خ¦4756] ومسلم في «الفضائل».


[1] «الأولى»: ليست في (د).
[2] في (ص): «ما».
[3] في (ص) و(م): «الرجل».
[4] في (ص): «أكلت»، وفي (د): «لأكلت».
[5] «أي»: ليست في (ص).
[6] في (ص): «لما».
[7] في (د): «قالت».
[8] «قد»: ليس في (د).