إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: والله لئن حلفت لا تصدقوني ولئن قلت لا تعذروني

          4143- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التَّبُوذكيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ) الوضَّاحُ بن عبد الله اليشكريُّ (عَنْ حُصَيْنٍ) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين‼، ابن عبد الرَّحمن الواسطِيِّ (عَنْ(1) أَبِي وَائِلٍ) شقيقُ بن سلمةَ قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ) بسكون الجيم وفتح الدال المهملة (قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ) قيل: إن أمَّ رومانَ توفِّيَت في زمنه صلعم سنة أربعٍ أو خمسٍ أو ستٍّ، ومسروقٌ لم يُدرِكها؛ لأنَّه لم يقدمْ من اليمنِ إلَّا بعد وفاتهِ صلعم في خلافةِ أبي بكرٍ أو(2) عمر، وهذا ما(3) ذكره الواقديُّ، وما في «الصحيح» أصحُّ، وقد جزم إبراهيمُ الحربِيُّ بأنَّ مسروقًا سمع من أمِّ رومانَ وله خمسَ عشرة سنةً، فيكون سماعهُ في خلافة عُمر؛ لأنَّ مولد مسروقٍ كان في سنة الهجرةِ، وكذا قال أبو نُعيمٍ الأصبهانيُّ: عاشت أمُّ رومانَ بعد النَّبيِّ صلعم (وَهْيَ أُمُّ عَائِشَةَ ♦ . قَالَتْ: بَيْنَا) بغير ميم (أَنَا قَاعِدَةٌ أَنَا وَعَائِشَةُ؛ إِذْ وَلَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ) أي: دخلت، ولم تسمَّ هذه المرأةُ. قال في «المقدمة»: وهي غير المرأة الأولى الَّتي دخلت وبكَتْ مع عائشةَ (فَقَالَتْ: فَعَلَ اللهُ بِفُلَانٍ وَفَعَلَ)(4) بفلانٍ، تعني: ممَّن خاضَ في الإفكِ (فَقَالَتْ أُمُّ رُومَانَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: ابْنِي فِيمَنْ حَدَّثَ الحَدِيثَ) قال الحافظُ ابن حجرٍ: والَّذين تكلَّمُوا في الإفكِ من الأنصارِ ممَّن عُرفَت أسماءهم: عبدُ الله بن أبيٍّ، وحسَّان بنُ ثابتٍ، ولم تكن أمُّ واحدٍ منهما موجودةً، إلَّا أن يكون لأحدهما أمٌّ من رضاعٍ أو غيره (قَالَتْ) أمُّ رومان للمرأةِ الأنصاريَّةِ: (وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: كَذَا وَكَذَا) تذكر مقالةَ أهل الإفك / (قَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صلعم ) ذلك؟ (قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَتْ: وَأَبُو بَكْرٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَخَرَّتْ) عائشةُ (مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ) من غَشيَتِها (إِلَّا وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ) أي: برَعدةٍ(5) (فَطَرَحْتُ) بسكون الحاء (عَلَيْهَا ثِيَابَهَا فَغَطَّيْتُهَا) بها (فَجَاءَ النَّبِيُّ صلعم فَقَالَ: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخَذَتْهَا الحُمَّى بِنَافِضٍ. قَالَ(6): فَلَعَلَّ) ذلك (فِي حَدِيثٍ تُحُدِّثَ) بضم التاء الفوقية والحاء وكسر الدال المهملتين المشددة مبنيًّا للمفعول، زاد في غير رواية(7) أبي ذرٍّ ”بِهِ“ (قَالَتْ(8)) أمُّ رومانَ: (نَعَمْ، فَقَعَدَتْ عَائِشَةُ فَقَالَتْ: وَاللهِ لَئِنْ حَلَفْتُ) أنِّي بريئةٌ (لَا تُصَدِّقُونِي) ولأبي ذرٍّ ”لا تصدقونَنِي“ بإثبات نون الوقاية (وَلَئِنْ قُلْتُ لَا تَعْذِرُونِي) بفتح الفوقية وكسر المعجمة، أي: لا تقبلوا منِّي العُذرَ، ولأبي ذرٍّ ”لا تعذرونَنِي“ بنونين (مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوبَ) أبي يوسفَ الصِّديق (وَبَنِيهِ) إذ قال في محنَتِه: (وَالله المُسْتَعَانُ) أي: أستعينهُ (عَلَى) احتمالِ (مَا تَصِفُونَ) من الصَّبر على الرُّزء فيه (قَالَتْ) أمُّ رومانَ: (وَانْصَرَفَ) صلعم ، ولأبي ذرٍّ: ”فانصرف“ (وَلَمْ يَقُلْ) لي (شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللهُ) تعالى (عُذْرَهَا) بعد ذلك بما أنزلهُ في سورة النُّور (قَالَتْ) عائشةُ له ╕ : (بِحَمْدِ اللهِ، لَا بِحَمْدِ أَحَدٍ وَلَا بِحَمْدِكَ) قالت ذلكَ إدلالًا عليهم وعَتبًا؛ لكونهم شكُّوا في حالهَا مع علمِهِم بحُسنِ طرائقها، وجميلِ أحوالها.
          وهذا الحديثُ قد سبق‼ في «باب: {لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ}[يوسف:7]»، من «أحاديثِ الأنبياءِ» [خ¦3388].


[1] في (ص): «ابن».
[2] في (ص) و(م): «و».
[3] «ما»: ليست في (ص) و(م).
[4] في (د) زيادة: «والله».
[5] في (د): «مرعدة».
[6] في (د): «فقال».
[7] في (ص): «رواية غير».
[8] في (د): «فقالت».