إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أما بعد أيها الناس فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار

          3800- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ) أبو يعقوب المسعوديُّ الكوفيُّ قال(1): (حَدَّثَنَا ابْنُ الغَسِيلِ) هو عبد الرَّحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة، غسيل الملائكة قال: (سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ) مولى ابن عبَّاسٍ (يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ☻ يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ(2) صلعم وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ) بكسر الميم وسكون اللَّام وفتح الحاء المُهمَلة، حال كونه (مُنْعَطِفًا) بنونٍ ساكنةٍ مُصلَّحةٍ على كشطٍ في الفرع، وفي أصله وهو الذي في «النَّاصريَّة»‼ وغيرها: ”متَعطِّفًا“ بالفوقيَّة المفتوحة وتشديد الطَّاء، أي: مرتديًا (بِهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ) بفتح الميم وكسر الكاف وفتح المُوحَّدة (وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ) بكسر العين، قد عصب بها رأسه من وجعها (دَسْمَاءُ) بالرَّفع، صفةٌ لـ «عصابة» أي: سوداء (حَتَّى جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ) بعد الثَّناء: (أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَتَقِلُّ الأَنْصَارُ) قال التَّوربشتيُّ: يريد أنَّ(3) أهل الإسلام يكثرون وتقلُّ الأنصار؛ لأنَّ الأنصار هم الذين آوَوه صلعم ونصروه، وهذا أمرٌ قد انقضى زمانه، لا يلحقهم اللَّاحق ولا يدرك شأوهم السَّابق، وكلَّما مضى منهم واحدٌ مضى من غير بدلٍ، فيكثر غيرهم ويقلُّون (حَتَّى يَكُونُوا كَالمِلْحِ) بكسر الميم (فِي الطَّعَامِ) من القلَّة، ووجه التَّشبيه أنَّ الملح بالنِّسبة إلى جملة الطَّعام جزءٌ يسيرٌ منه بالنِّسبة للمهاجرين وأولادهم الذين انتشروا في البلاد وملكوا الأقاليم، فمن ثمَّ قال ╕ للمهاجرين: (فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ) أيُّها المهاجرون (أَمْرًا) مفعولٌ به (يَضُرُّ فِيهِ) أي: في ذلك الأمر (أَحَدًا أَو يَنْفَعُهُ) صفةٌ كاشفةٌ لـ «أمرًا» (فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ) مخصوصٌ بغير الحدود، كما سبق [خ¦3799].


[1] قوله: «حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ أبو يعقوب، المسعوديُّ الكوفيُّ، قال» سقط من (ص).
[2] في (ص): «النَّبيُّ»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[3] «أنَّ»: ليس في (م).