إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي

          3799- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو عَلِيٍّ) المروزيُّ الصَّائغ؛ بالغين المُعجَمة قال: (حَدَّثَنَا شَاذَانُ) بالمُعجَمتين، عبد العزيز (أَخُو عَبْدَانَ) عبد الله العابد، وعبدان لقبه (قَالَ) أي: شاذان: (حَدَّثَنَا أَبِي) عثمان بن جبلة قال: (أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ) بفتح الحاء المُهمَلة وتشديد الجيم الأولى، الحافظ أبو بسطام العتكيُّ أمير المؤمنين في الحديث (عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ) أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ) جدِّي (أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: مَرَّ أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيق (وَالعَبَّاسُ) بن عبد المطَّلب ( ☻ بِمَجْلِسٍ) بالتَّنوين (مِنْ مَجَالِسِ الأَنْصَارِ) والنَّبيُّ صلعم في مرض موته (وَهُمْ) أي: والحال أنَّهم (يَبْكُونَ، فَقَالَ) العبَّاس أوالصِّدِّيق لهم: (مَا يُبْكِيكُمْ؟ قَالُوا: ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النَّبِيِّ صلعم مِنَّا) أي: الذي كنَّا نجلسه معه، ونخاف أن يموت ونفقد مجلسه فبكينا لذلك (فَدَخَلَ) العبَّاس أو أبو بكرٍ (عَلَى النَّبِيِّ صلعم ، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ) الذي وقع من الأنصار (قَالَ) أنسٌ: (فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلعم وَ) الحال أنَّه (قَدْ عَصَبَ) بتخفيف الصَّاد المُهمَلة (عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ) بضمِّ المُوحَّدة وسكون الرَّاء: نوعٌ من الثِّياب معروفٌ، ولأبي ذرٍّ عن المُستملي: ”بُرْدَةٍ “، و«حاشيةَ» نُصِب مفعول «عَصَبَ» (قَالَ) أنسٌ ☺ : (فَصَعِدَ) ╕ (المِنْبَرَ) بكسر العين (وَلَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ اليَوْمِ) بفتح العين من «يصعده» (فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أُوصِيكُمْ بِالأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ كَرِشِي) بفتح الكاف وكسر الرَّاء والشِّين المُعجَمة (وَعَيْبَتِي) بعينٍ مُهمَلةٍ مفتوحةٍ وتحتيَّةٍ ساكنةٍ ومُوحَّدةٍ مفتوحةٍ وتاء تأنيثٍ، قال القزَّاز: ضرب المثل / بالكرش؛ لأنَّه مستقرُّ غذاء الحيوان الذي يكون فيه نماؤه، والعَيْبَة: ما يُحرِز فيها الرَّجلُ نفيسَ ما عنده؛ يعني: أنَّهم موضع سرِّه وأمانته، وقال ابن دريدٍ: هذا من كلامه صلعم المُوجَز الذي لم يُسبَق إليه (وَقَدْ قَضَوُا الَّذِي عَلَيْهِمْ) من الإيواء والنُّصرة له ╕ كما بايعوه ليلة العقبة (وَبَقِيَ الَّذِي لَهُمْ) وهو دخول الجنَّة كما وعدهم به صلعم أن آوَوه ونصروه (فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ) في غير الحدود.
          وهذا الحديث أخرجه النَّسائيُّ.