إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان

          3675- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذَرٍّ: ”حدَّثنا“ (مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بالموحَّدة والمعجمة المشدَّدة؛ بُندارٌ العبديُّ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) بنُ سعيدٍ القطَّانُ (عَنْ سَعِيدٍ) هو ابنُ أبي عَروبةَ (عَنْ قَتَادَةَ) بن دِعامَة (أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ☺ حَدَّثَهُمْ: أَنَّ النَّبِيَّ صلعم صَعِدَ) بكسر العين؛ عَلا(1) (أُحُدًا) الجبلَ المعروف بالمدينة (وَأَبُو بَكْرٍ) مرفوعٌ عطفًا على الضَّمير المستكن(2) في «صَعِد» لوجود الفاصل(3)، أو بالابتداء، وما بعدَه وهو قولُه: (وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ) عطفٌ عليه، أي: وأبو بكر وعمر وعثمان صَعِدوا معه، قال في «المصابيح»: والأوَّل أَولى (فَرَجَفَ) أي: اضطرب (بِهِمْ) أُحُدٌ (فَقَالَ) له ╕ : (اثْبُتْ أُحُدُ) منادى حُذفتْ أداتُه، أي: يا أُحد، ونداؤه خطابه(4)؛ وهو يحتمل المجاز والحقيقة، لكن الظَّاهر الحقيقة كقوله: «أُحُدٌ جبلٌ يُحبُّنا ونُحِبُّه» [خ¦1482] (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ) أبو بكرٍ / (وَشَهِيدَانِ) عمرُ وعثمانُ، قال ابن المُنَيِّرِ: قيل: الحكمةُ في ذلك: أنَّه لمَّا أُرجِف أراد النَّبيُّ صلعم أن يبيِّنَ أنَّ هذه الرَّجفةَ ليست من جنسِ رجفة الجبل بقوم موسى ◙ لمَّا حرَّفوا الكَلِم، وأنَّ تلك رجفةَ الغضب، وهذه هِزةُ الطَّرَب، ولهذا نصَّ على مقام النُّبوَّة والصديقيَّة والشَّهادة التي تُوجِبُ سرورَ ما اتَّصلتْ به لا رجفانَهُ، فأقرَّ الجبلُ بذلك فاستقر، وما أحسنَ قولَ بعضِهم حيث قال(5):
ومالَ حراءٌ تحتَه فَرَحًا به                     فلولا مقالُ(6): اسْكُنْ تضعضعَ وانقضَّا
          وهذا الحديثُ أخرجه أيضًا في «فضل عمر» [خ¦3686](7)، وأبو داود في «السُّنَّة»، والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ في «المناقب».


[1] «علا»: ليس في (ص) و(م).
[2] في (ب) و(س): «المستتر».
[3] في (ب): «الفاضل».
[4] في غير (س): «وخطابه».
[5] «حيث قال»: مثبتٌ من (م).
[6] في (ص): «ولولا»، وفي (م): «يقال»، وفي (ص): «ما قال».
[7] وكذا في «مناقب عثمان» (3699).